IMLebanon

كمال جنبلاط… الخسارة الكبيرة في طائفة الموحّدين

 

ثمانية وأربعون عاماً على رحيل المعلّم كمال جنبلاط، ورغم ذلك لم يخفُت ألم الغدر به واغتياله ومحاولة محو حضوره بالرصاص، ذلك لأن الموحّدين خسروا بموته ما لم يستطيعوا اكتسابه في أي زعيم آخر، رغم الحضور القوي والثابت لوليد بك، في المشهد السياسي المحلي والإقليمي، لكنّ الرجلين مختلفان.

 

 

 

تتفاوت آراء الدروز في الكثير من الملفات والاتجاهات والزعماء والمرجعيّات، لكن حين تحاور مثقفاً أو متنوّراً من بينهم، لا يمكن إلّا أن تجده مناصراً لفكر كمال جنبلاط، الخسارة الكبيرة في الطائفة، ماذا كان ليقول اليوم في ما يحدث في سوريا، في تنطّح إسرائيل لحماية الدروز، بهدف فصلهم عن محيطهم العربي والإسلامي؟ كيف كان ليعلّق على المشهد السياسي، على أخبار الصّلح والتطبيع مع إسرائيل، على سقوط “حزب اللّه”، على هروب الأسد، وسواها من الملفات؟

 

 

 

لا شكّ أن موقف وليد جنبلاط الأخير الصارم بحقّ المناصرين حين توجّه لمطلقي النار في مدينة عاليه قائلاً: لا أريدكم أن تأتوا في 16 آذار، فوجودكم مسيء للمختارة ولفكر كمال جنبلاط، موقفٌ مميّز وجريء، فالحزبُ كسواه من القوى السياسية، يستعدّ للانتخابات البلدية، تليها الانتخابات النيابية، ومع ذلك “يشوط” زعيم المختارة كعادته، يعرفه القريب والبعيد بأنّه لا يبالي ويقول كلمته ويمشي، وكلّما كان صارماً مع المناصرين أحبّوه أكثر، هكذا اعتادوه. من الجيّد أن يقتطع جنبلاط رغم ضجّة الأحداث في المنطقة الوقت والمجهود لإقامة ورشة تنظيميّة فكريّة للحزب وهكذا يجب أن تفعل باقي الأحزاب التي لا تزال تحمل في طيّاتها جينات الميليشيا وعقلية الحرب وتضع الإصبع على الزناد في كل مناسبة، إذا كان هناك من نيّة لبناء بلد، يوماً ما، وعلى قول كمال جنبلاط: “إذا خُيّر أحدكم بين حزبه وضميره، فعليه أن يترك حزبه وأن يتبع ضميره، لأنّ الإنسان يمكن أن يعيش بلا حزب، لكنه لا يستطيع أن يحيا بلا ضمير”.

 

 

 

ذكرى 16 آذار بالأمس لم تكن كسواها، خصوصاً أنها جاءَت بعد دحر آل الأسد من الحكم في سوريا، واعتقال اللواء ابراهيم حويجة، الرئيس السابق للمخابرات العامة، والمتهم بالضلوع في اغتيال الزعيم كمال جنبلاط، فالسنوات انتصرت للفيلسوف المسالم من نظام الإبادة والقتل الجماعي والقمع الذي طال لبنان أيضاً لسنوات طويلة، كانت تلك عدالة السماء التي نسمع بها وقد لا نصدّقها أحياناً، في أجمل تجلّياتها، تضعُ وردة على ضريح كمال جنبلاط في المختارة وفي قلب كلّ مناصر ما زال يبكي الزعيم الراحل حتّى اليوم، لأن الغدر لم يكن يليقُ به كما كثر من رجالات الوطن المرهق. لعلّ الأيام المقبلة تحمل لوطن كمال جنبلاط ما هو أفضل وأجمل، ربما أيضاً انتصاراً لرؤيته في السلام والعدل.