أكثر من ساعتين دام اللقاء الذي عقد أمس بين الرئيس سعد الحريري والوزير السابق فيصل كرامي في منزل الأول في وادي أبو جميل. في الشكل، يبدو اللقاء طبيعياً بعد الإنفتاح بين الرجلين منذ زيارة كرامي للحريري في السعودية، واللقاء الذي جمعهما بعد وفاة الرئيس عمر كرامي، لكن أكثر من مفارقة جعلت لقاء أمس يبدو مغايراً بالكامل.
فهو يأتي في سياق سياسة الإنفتاح التي يتبعها رئيس تيار المستقبل على معارضيه السياسيين داخل الطائفة السّنية منذ عودته إلى لبنان الشهر الماضي، كما أن الزيارة تأتي بعد أيام من زيارة مماثلة للوزير السابق عبد الرحيم مراد إلى وادي أبو جميل، مع فارق شكلي، إذ إن كرامي زار الحريري بدعوة من الأخير الذي استبقاه الى الغداء، فيما زاره مراد برفقة وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي دخل وسيطاً لترتيب اللقاء.
فتح الحريري أبوابه لمعارضيه داخل الطائفة بعدما كان يرفض حتى الإعتراف بهم، فُسّر على أنه ترجمة لطلب سعودي بترتيب “البيت السّني” بعدما تغيّرت الظروف التي حالت دون ذلك بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وبعد “تراجع خطاب الإلغاء السياسي، إضافة إلى التوتر القائم في المنطقة الذي فرض على الجميع أن يكونوا أكثر عقلانية”، بحسب كرامي. ووصف “الأفندي” اللقاء بأنه “كان إيجابياً وجيداً، وتناولنا فيه الكثير من الأمور والقضايا، بعضها إتفقنا عليه، وبعضها يحتاج إلى متابعة، إضافة إلى تناولنا مواضيع أخرى بشكل عام”.
وعما إذا كان الحريري سينفتح على بقية الشخصيات والقوى السياسية السّنية المعارضة له، وأبرزهم الرئيس نجيب ميقاتي، أجاب كرامي: “لم ندخل في الأسماء”، كما فضل عدم الدخول في التفاصيل “حرصاً على إنجاح اللقاء”، لكنه كشف أن الإنتخابات البلدية، وتحديداً في طرابلس، “حازت قدراً كبيراً من زمن اللقاء، وإتفقنا على ضرورة إشراك كل القوى السياسية في هذا الإستحقاق. أنا والرئيسان الحريري وميقاتي والوزير محمد الصفدي متفقون على التوافق الذي يحتاج إلى تعاون الجميع لتجنيب طرابلس وبقية المناطق اللبنانية أي توتر أو تشنج في هذه الظروف الصعبة”.
وعن الخطوط العريضة لهذا التوافق، أوضح أن “التركيز جرى على اختيار رئيس بلدية محايد ومتعاون مع جميع الأطراف، وأن تترك له حرية إختيار أعضاء المجلس البلدي ليشكلوا معاً فريق عمل يسهم في انتشال طرابلس من واقعها”، نافياً التطرق إلى الأسماء.
وكان كرامي قد قال بعد اللقاء إن “ما يجمعنا هو المصلحة الوطنية وترتيب البيت السني إذا صحّ التعبير. وقد أثنينا على الجهود التي يقوم بها الرئيس الحريري لإطفاء نار الفتنة ولم الشمل وترطيب الأجواء، وأكدنا أننا سنكون إلى جانبه في كل ما يساعد على حلحلة الأزمات في لبنان”.