Site icon IMLebanon

«كربلاء» الفرصة «الضائعة»!

 

 

ليس خافياً على أحد أن اتهام «التيار الوطني الحر» لـ«تيار المستقبل» بأنه أراد التمديد خوفاً من نتائج الانتخابات النيابية، فيه من «الخفة السياسية» ما يكفي ويزيد، كي يعلن «التيار العوني» طلاقاً لا عودة عنه مع التحالف السياسي الذي ينتمي إليه، لأنه أضاع «فرصة تاريخية» لن تتكرر، لإقصاء «تيار المستقبل» عن المشهد السياسي عبر صناديق الاقتراع التي يخافها كما يدعون، والأهم أن هذا التحالف السياسي أضاع على حليفه العوني «فرصة تاريخية» لتغيير المعادلة السياسية، بما يضمن وصوله إلى رئاسة الجمهورية كـ«مرشح تحدٍ»، بعيداً عن مشقة الحوار مع «تيار المستقبل» لإقناعه بأنه «مرشح توافقي»!

أما وقد ضاعت «الفرصة التاريخية»، فلا طائل من كل «الكربلاء العونية» التي تملأ الشاشات مزايدات واتهامات. فإذا كان «التيار العوني» لا يريد الاستقالة من المجلس النيابي اعتراضاً على التمديد، فليستقل أقله من تحالفه السياسي الذي قضى على حلمه التاريخي بالوصول إلى سدة الرئاسة، لعله في ذلك يحفظ شيئاً من ماء الوجه، ما دامت مجاهرة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بترشيح النائب ميشال عون للرئاسة، بعد طول انتظار، جاءت متأخرة بعد أن ضاعت «الفرصة التاريخية» إلى غير رجعة!

«القصة وما فيها» أن «التيار العوني» يُصعّد ضد «تيار المستقبل» لأن الحوار بينهما لم يصل إلى التسليم بميشال عون كـ«مرشح توافقي» لرئاسة الجمهورية، لا أكثر ولا أقل، تماماً كما يفعل بتصعيده ضد «القوات اللبنانية»، لأنها مرة جديدة، كانت أذكى منه في البحث عن مساحات وطنية مشتركة، في خضم إمعان «التيار العوني» في ضرب المساحات المسيحية المشتركة، التي حاول «الحكيم» الدكتور سمير جعجع أن يؤمّنها، بأكثر من مبادرة، تحفظ مصالح المسيحيين ولا تضر بها، في إطار المصلحة الوطنية، وليس بعيداً عنها.

بهذا المعنى، الأجدر بـ«التيار الوطني الحر» أن يكف عن التعاطي مع التمديد بـ«كربلائية عونية»، في ظل ما نعيشه من «كربلاء وطنية» جراء تعطيل الاستحقاق الرئاسي. الأجدر به أن يبحث عن مساحات مشتركة مع الشركاء في الوطن، تُنتج تسويات تؤمن المصلحة الوطنية لا المصالح الشخصية، وتفتح كوة في أفق الأزمة السياسية، بدل البحث عن المزايدات والاتهامات التي تزيد هذا الأفق انسداداً، بما ينعكس سلباً على مصالح العباد التي شبعت تعطيلاً وإذكاءً للغرائز الطائفية والمذهبية، للأسف.

فمن يعارض التمديد، معناه أنه لا يعارض الفراغ، والفراغ كما قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي سيأخذ البلاد والعباد إلى «مؤتمر تأسيسي»، ومعنى ذلك أن من لا يعارض الفراغ، لا يعارض أيضاً «المؤتمر التأسيسي»، والدليل أنه بدأ بـ«التأسيس» له بأدبيات تبدأ بـ«القانون الارثوذكسي» ولا تنتهي بطروح غير دستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، بعكس ما ينص عليه الدستور.

لا يختلف اثنان على أن إجراء الانتخابات النيابية أو عدم إجرائها ليس نهاية العالم، لكن استمرار تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، من قبل من يدعون الحرص على موقع الرئاسة الأولى أكثر من غيرهم، قد يكون نهاية رئاسة الجمهورية في لبنان. وهنا «بيت القصيد»، الذي جعل البطريرك الراعي «يبق البحصة» قبل أيام، ويجعل الرئيس سعد الحريري يقدم المبادرة تلو المبادرة من أجل إنهاء الفراغ في موقع الرئاسة الأولى، فيما الرئيس نبيه بري يبدي الأسف «لأنّ هناك من عليك أن تعمل لتأمين مصلحتهم غصباً عنهم»!