رأى الوزير السابق كريم بقرادوني، أنه “على السياسيين الإبتعاد عن الجيش، لأن المؤسّسة العسكرية يجب أن تكون خارج نطاق الصراعات السياسية القائمة لأن قائد الجيش الحالي العماد جوزيف عون، أثبت خلال سنوات أنه يدير هذه المؤسسة بشكل جيد، وأن داخلها نوع من الإرتياح لإدارته منذ انطلاقتها”، وأشار إلى أنه “يجب ترك هذا القرار للجيش وليس للسياسة”، وسأل :”لماذا يجب أن يكون وزير الدفاع بخلاف مع القائد واضعاً فيتو على التمديد له، وهو الذي يجب أن يدافع عن الجيش ويحمي المؤسّسة؟” معتبراً أنه “ليس من اختصاص وزير الدفاع إدارة المؤسسة العسكرية، وهذا جرى التفاهم عليه منذ الإستقلال وحتى اليوم، أن دور وزير الدفاع حماية المؤسسة العسكرية، وتبنّي مطالبها والتفاهم مع قائد الجيش، ووزير الدفاع اليوم لا يؤدي هذا الدور”.
وأضاف الوزير السابق بقرادوني، أن “النص القانوني شيء والواقع منذ 1943 حتى اليوم شيء آخر، لهذا السبب أنا أقول أنه يجب التمديد لكل القيادات الأمنية والعسكرية، بانتظار انتخاب رئيس الجمهورية، لأنه في بعض الحالات الأمر الصحيح بتوقيت خاطىء يؤدي إلى الخطأ، لذا، فإن التوقيت خاطئ اليوم بطرح المسألة، وتأجيلها لما بعد انتخاب رئيس الجمهورية هو الفعل الصحيح، فالنصوص لا تحلّ المشاكل، لأنها قد تكون بعض المرّات هي المشكلة، وبالتالي، بين الحل والنص أنا أفضّل الحلّ وإن كان بعيداً عن النص”.
وعن ضياع رئاسة الجمهورية اليوم جراء الأوضاع، أكد بقرادوني، أن “هذه هي المشكلة الحقيقية التي نعيشها والمتمثّلة بالشغور الرئاسي الذي، وبحسب الأداء السياسي للبعض، سيتعمّم على أكثر من مركز أمني وغير أمني، وإذا زدنا عليهم الشغور في قيادة الجيش، نصبح وكأننا في دولة الشغور، هذا لا يصحّ أبداً، في حين أن المطلوب اليوم الأمن أولاً، لأنه ضمانة الإقتصاد والمال وكافة القطاعات”.
وحول حديث البعض عن أن الرئاسة تنتظر نتائج حرب غزة، أشار الوزير السابق بقرادوني، إلى أنه “ضد نظرية ربط مسائلنا الداخلية بأمورٍ خارجية، وفي كل المراحل السياسية لم أكن أقبل بهذا المبدأ أبداً، لأن الخارج ليس بيدنا، أما الداخل فهو بشكل أساسي بيدنا، ومن الممكن أن يتدخل الخارج بالداخل، لكن لا يعني أن الداخل ليس عنده أي دور، أمّا إذا ربطنا أي استحقاق باستحقاق خارجي، كأننا نقول نحن عاجزون عن حل مشاكلنا، ونريد من الخارج أن يحكمنا وهذا عيب، وعار على السياسيين الذين يربطون المسائل الداخلية بالمسائل الخارجية، وإذا كان الخارج يحاول أن يتدخل في أمورنا، علينا أن نردّه، فكل تدخل خارجي يكبر عندما لا يكون هناك قرار داخلي، وكلما وُجد القرار الداخلي يصغر التدخل الخارجي، وعندما نربط وضعنا بالخارج وكأننا نطالب بانتداب، هناك مسؤولية وطنية على السياسيين تحمّلها تتعدى الأمور الخارجية، والقضية الوطنية هي الأمن أولاً يعني الجيش، ورئاسة الجمهورية ثانياً أي الدولة، ويجب أن لا نتحدث بأي موضوع في الوقت الحالي إلاّ الأمن”.
واستبعد بقرادوني حصول أي حرب في لبنان “لا سيما في حال تراجعت الحرب في غزة، فليس من الطبيعي أن تتراجع الحرب في غزة وتتقدّم في لبنان، وصحيح أن الحرب في غزة لم تنته،ِ وهناك هدنة سارية المفعول، ولكن الهدنة قد تليها هدنة أخرى، لأن التفاهم على الهدنة الأولى هو الأصعب، وأرى أن حالة الهدنة هي التي ستصمد في المرحلة المقبلة”.
وبالنسبة لإعادة ترسيم المنطقة، ذكّر بأن “المنطقة رُسِّمت مرة وبصعوبات جمّة وكل ترسيم دُفع ثمنه بالدم، فكلما أُعيدت عملية الترسيم كلما زادت التدخلات الدولية أكثر”. وسأل: “هل لمصلحة أميركا المسيطرة اليوم بإعادة الترسيم من جديد؟”. واعتبر أن “أي ترسيم هو مشكلة، فعندما يتمّ ترسيم الدول، من الصعب تغيير هذا الترسيم، وأنا غير مقتنع بهذه المشاريع بأن تصبح دولة دولتين، أو الدولتين يصبحا دولة واحدة، فلا التقسيم يصحّ ولا التوحيد يصحّ، فالتقسيم غير وارد، والتوحيد غير وارد، إنما الوارد هو إبقاء الجغرافيا كما هي، ولكن يمكن داخل أي جغرافيا تغيير الأنظمة، فهذا موضوع آخر ولكن الجغرافيا لا تتغيّر، وبالنسبة للحل في فلسطين هو أن يصبح هناك دولة فلسطينية يتمتع فيها الفلسطينيون بحقوقهم، وليس المطلوب أي تقسيم أو توحيد آخر”.
وحول استمرار لبنان الواحد، رأى بقرادوني، أن “المطلوب لاستمراره، أن يعي اللبنانيون أن لا يستفرد أي قرار أحداً داخل لبنان، فالإستفراد بالقرار هو المشكلة، والتشارك في القرار هو الحلّ، والوفاق الداخلي هو الحل، والإقتتال الداخلي هو المشكلة، ولهذا السبب أنا أقول أن لبنان بحدوده الحاضرة لا أحد يطلب تغييرها، فهناك قبول عالمي بلبنان حدوداً وجغرافية”.
وعن مخاوف على مستقبل المسيحيين في لبنان، أكد “أن لا مخاوف إذا توحّدوا، وليس إذا توحّدوا بالإنتخابات أو بالبلديات، إنما التوحّد حول اتفاق الطائف الذي لم يتمّ تنفيذه حتى اليوم، فدور المسيحيين دائماً أن يتوحّدوا حول القضايا الكبرى والخارجية والقضايا الداخلية التي هي الوفاق والدستور، أما في باقي الأمور كالإنتخابات فهذه آنية، أما الجوهرية فهي استكمال تنفيذ الطائف لأن هذا جزء من الوفاق الوطني والسهر على الحفاظ على الدستور وليس تعديله كرمىً لعيون شخص أو مجموعة، ولذا يجب أن نتمسك بالإستقلال والسيادة، والوحدة الداخلية والعدالة الإجتماعية”.