IMLebanon

فضيحة “كاريش”

 

 

فضح حقل «كاريش» اهتراء الدولة في لبنان؛ كما أضاف دليلاً آخر على ضعف المسؤولين عن إدارة هذا البلد وملفاته الطبيعية؛ وكشف إصابة معظمهم بالأنانية والغرور والغطرسة، كأنما النفط والغاز في المنطقة الإقتصادية الخالصة في لبنان، ظهر مع ولادة هؤلاء المسؤولين، أو مع وصولهم إلى السلطة؛ إنه وباء النرجسية الذي يضرب الكثير من المسؤولين في هذه الدولة العلية. وإلاّ فكيف تمضي كل تلك السنين على اكتشاف تلك الثروة، بينما لا يزال مسؤولونا، حتى اليوم، يجهلون حقوقنا في تلك الثروة، جنوباً وشمالاً وغرباً؟ أكثر من عشر سنوات من «التماحك» تحت عناوين وهمية أهمها: «نحن لا نفاوض العدو». ومن قال أن الأعداء لا يتحاورون إلاّ بالرصاص؟ ألم يقرأوا تاريخ الحروب بين الأمم؟ وكيف كان المتحاربون يتحاورون بالواسطة، وينجحون في حلِّ مسائل أكبر من حجم كاريش؟ وهل يجوز نحر الحقوق أمام «عقدة» العداوة التي تجتاحنا جميعاً؟

 

إستيقظ المواطنون مؤخراً على أكبر عملية تضليل يعيشها اللبنانيون، عندما تبين لهم أن مسؤوليهم، بعد كل هذه السنوات من البحث، يجهلون أين هي حقوقهم أو يختلفون حول تحديد ثروتهم الطبيعية خاصة في الجنوب: أهي في الخط رقم 1، أو في خط هوف، أو في الخط رقم 23 أو في الخط رقم 29 أو في خطٍّ آخر؟ إنه الضياع الكامل للحق بسبب: إمّا جهل هؤلاء المسؤولين لحقوقنا الطبيعية، أو الأنانية والتفرُّد بمقايضة تلك الحقوق بمصالح شخصية للبعض، والتخلّي عنها في سوق الهدر والفساد والتجارة المستمرة بمصالحنا الحيوية.

 

ويأتيك من ادّعى بإقامة توازن ردع استراتيجي مع العدو، بعد فضيحة «كاريش»، ليطلب من اللبنانيين: «تعالوا نتفق على شركة تنقيب و…». ولكن متى كان لـ»الإتفاق» مكان في قاموس هؤلاء؟ أم أن «ورم» التوازن، الذي استغلوه على مدى سنوات على حساب لبنان، فضحته مؤخراً «كاريش» ليتغطّوا بـ»اتفاق» ملغوم مع اللبنانيين؟

 

الضياع والخوف والعجز والمقايضة… في ظِلِّ منصة التنقيب، دفعت بالمسؤولين مؤخراً إلى مناشدة الوسيط الأميركي هوكشتاين للتدخل، بعد أن فَقَدَ هؤلاء المسؤولون «نعمة» الإنتظار والتفاوض على البارد لتحقيق المكاسب. لكن الوساطة الحالية، على الحامي، لن تكون لمصلحة بيروت في ظلِّ الوجود الضاغط لـ»المنصة»، إنما لمصلحة الذين أعدّوا الصفقة ليتقاسموا المغانم. وما أكثرهم في ظِلّ انهيار الدولة!!!