IMLebanon

ما في حرب  

 

عشنا على مدى اسبوعين حالاً من التوتر الشديد، ولفّت موجة خوف الوطن كلّه من احتمال وقوع حرب بين «إسرائيل» والحزب العظيم، خاصة وأنه وعند كل بداية صيف تقوم اسرائيل بعملية اعتداء على دولة عربية، بدءاً بالعام 1967 بما سمي حرب الأيام الستة في الخامس من حزيران حين احتلت اسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وفي الجانب السوري احتلت الجولان ووصلت الى القنيطرة التي تبعد 70 كيلومتراً عن العاصمة دمشق، واحتلت أيضاً شبه جزيرة سيناء.

مرة ثانية عام 1982 وفي السادس من شهر حزيران أقدمت اسرائيل من خلال أكبر عملية عسكرية على غزو لبنان واحتلت العاصمة بيروت بعد حصار دام 100 يوم.. وطردت الفلسطينيين من بيروت في باخرة جاءت لنقل «ابو عمار» وأعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، وأجبرت الفرقة السورية التي كانت محاصرة في بيروت على الانسحاب الى صوفر.

التاريخ الثالث كان عام 2006 في ما سمّي بحرب تموز، يوم خطف الحزب اثنين من الجنود الاسرائيليين بحجة مبادلتهما بالأسرى الموجودين في اسرائيل، فدمرت اسرائيل الجسور والمباني والمدينة الرياضية ومعامل الكهرباء، ولو استمرت يومين إضافيين كما علمنا من زيارة قام بها الموسوي الى الرئيس السنيورة لحثه الاستعجال بطلب وقف إطلاق نار لكان الحزب في خبر كان.

تلك الحرب التي تحمل اسم «لو كنت أعلم» العبارة الشهيرة التي أطلقها السيّد حسن نصرالله، كَلّفت اللبنانيين 5000 قتيل وجريح من الشعب والجيش والحزب.

أمام هذا الواقع فإننا على أبواب موسم الصيف الذي ينتظره كل لبنان نأمل أن تكون إطلالة هذا الموسم خيراً.

الجميع فوجئوا بتصريح خطير جداً لرئيس هيئة الأركان الاسرائيلي أفيف كوخافي يقول فيه حرفياً: «نحن من جانبنا سوف نقصف لبنان بشكل مدمّر وواسع ومؤلم وهذا شيء نتوقع أن يكون كبيراً جداً»، وواصل تحذيره اللبنانيين ودعاهم الى أخذ الحيطة. أضاف: «رسالتي للبنانيين هي اننا سنسمح لهم بالمغادرة فوراً وسوف نعلمهم من خلال تحذير قبل مغادرتهم»، اضاف كوخافي: «الرسالة الأكبر لهم، اننا ننصحهم بالمغادرة قبل أن نطلق الرصاصة الأولى في لحظة حدوث التوتر المقبل في الأماكن التي سوف نطلب منهم المغادرة منها لأنّ القصف سوف يكون بشكل لم يسبق له مثيل».

وذكر كوخافي بأن أخطر تهديد من جبهات القتال الستة هو ما يتمثل بتهديد نووي محتمل في الدائرة الثالثة وتهديد الصواريخ والقذائف من كل الجبهات والأبعاد التي قام العدو بتطويرها. وانّ كل هدف يرتبط بالصواريخ والقذائف الصاروخية سيتم استهدافه في الحرب المقبلة.

وحدّد ان هناك آلاف الأهداف في لبنان التي سيتم تدميرها في منظومة الصواريخ والقذائف التي يمتلكها الحزب.

طبعاً، كان هناك رد من السيّد حسن نصرالله هدد من خلاله اسرائيل بأنّ أي اعتداء على لبنان سيرد عليه الحزب بآلاف الصواريخ والقذائف، وأنّ جميع المدن الاسرائيلية ستكون ضمن مرمى الصواريخ التي يمتلكها الحزب.

أمام هذا التصعيد والرد من الحزب، أعلن السيّد نصرالله انه لا يمانع التنازل عن المطالبة بالخط 29 والإكتفاء بالخط 23.. وهنا بدأ خطر الحرب ينحسر حيث جرى اتصال بالمندوب الاميركي آموس هوكشتاين ليأتي الى لبنان ليكمل مهمته وتحقيق اتفاق بين لبنان و»إسرائيل» حول موضوع ترسيم الحدود البحرية.

من ناحية ثانية، يبدو ان إيران هي التي طلبت من السيد نصرالله أن يخفّف من مطالباته في موضوع ترسيم الحدود البحرية وهكذا حصل.

يبقى السؤال: لماذا أرادت إيران أن تخفّف التوتر:

أولاً: الوضع الاقتصادي السيّىء جداً فيها والتظاهرات في كل أنحاء البلاد والتي بدأت تهدّد النظام نفسه.

ثانياً: وصول سعر صرف العملة الإيرانية الى حد لم يكن أحد يتصوّر أن يصل إليها، إذ أصبح سعر الدولار يساوي 350 الف ريال إيراني بعد ما كان كل دولار يساوي 5 ريالات أيام الشاه.

ثالثاً: العقوبات التي تفرضها أميركا على إيران أصبحت صعبة جداً وثقيلة على الشعب الايراني الذي لم يعد يستطيع أن يتحملها.

رابعاً: الحرب الروسية – الاوكرانية انعكست بشكل سلبي على الروس وعلى الاوكرانيين وقوة أميركا بشكل قوي جداً.

خامساً: الوضع العراقي وعدم إمكانية تشكيل حكومة ما يعتبر نكسة كبيرة لسيطرة قوات الحرس الثوري على العراق.

سادساً: عدم إمكانية تصدير النفط بكميات أكبر لأنّ مصروف الدولة آخذ بالازدياد بينما المدخول يتراجع.

سابعاً: الدولة الوحيدة التي تستطيع أن تشتري نفطاً إيرانياً هي الصين ولكنها تدفع نصف ثمنه بسبب العقوبات.

هنا كان لا بد من أن يكون اتجاه الحكم الايراني هو التهدئة والتوصّل الى حلول مقبولة عند الجميع.

ثامناً: هناك كلام بأنّ إيران سوف تخفّف من طموحاتها ومن انها يجب ان يكون لها دور كبير في المنطقة.

تاسعاً والأهم من هذا كله الاخذ بالاعتبار موافقة اسرائيل على الدور المسموح لإيران بأن تلعبه في المنطقة.