يعتقد رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل ان الوقت قد حان ليصوغ وحزبه موقفاً متميزاً عن الاصطفاف السياسي الحاد القائم، وهو يحاول ان يقنع نفسه والآخرين بأنه على مسافة من الجميع. ولا يخاصم اي فريق، ولكن الوقائع تدل الى ان ترجمة مواقفه الحالية التي أكثر من اطلاقها في اكثر من محطة سياسية تصب جميعها في منطق فريق الرابع عشر من آذار.
على حدّ قول مصادر مسيحية، فالجميّل لم يفك ارتباطه بهذا الفريق، ولو كانت لديه مآخذ كثيرة على أداء هذا الفريق وعلى سلوك تيار المستقبل الذي يتناغم مع القوات اللبنانية، وعلى تفضيل الاخيرة من قبل المستقبل عندما يحين وقت توزيع المغانم السياسية وغير السياسية. كذلك فان رئيس حزب الكتائب الشاب لديه حذر شديد وحساسية حزبية ومخاوف تجاه القوات بحسب المصادر، التي غزت حزبه واستطاعت ان تشد العصب المسيحي اليها مجدداً بعد ان انجزت المصالحة المسيحية مع التيار الوطني الحر. ولكن الجميّل كما تقول المصادر اذا اراد ان يأخذ على جعجع نكوثه لتعهداته بالسير في قانون انتخابي يؤمن مصلحة المسيحيين وانقياده غير المشروط لتحقيق المصالح الاستراتيجية في الفترة الماضية لمصلحة تيار المستقبل فانه يعود بطبيعة الحال الى تبني جزء من طروحات قوى الثامن من آذار وتحديداً التيار الوطني الحر الذي يأسف لابتعاد رئيس الكتائب عنه واستمرار الغمز من قناته علماً أن أحداِ من المحسوبين على العماد ميشال عون لم يتعرض له بأي انتقاد من قريب او بعيد بل ان التيار لا يزال يتعرض لانتقادات من قبل حلفائه المتنيين لأنه مارس سياسة «قب الباط» مع الجميّل بما مكّنه من دخول المجلس النيابي لمرتين متتاليتين.
وترى المصادر المسيحية ان اداء الكتائب محيّر، وهي باتت الى حد كبير تشبه وليد جنبلاط في تقلباته وهباته «الساخنة والباردة» فهي مع الشيء ونقيضه في آن ما او بعد مرحلة ما، ورئيس الكتائب الذي يعمل على استنهاض «نيو كتائب» غير تقليدية وفق بعض منتقديه الحزبيين يضيّع البوصلة في بعض الاحيان ليطلق مواقف بعيدة عن المنطق والسياق العام كمثل المطالبة بانتخاب كارلوس غصن رئيساً للجمهورية، في حين ان الطائف في عمق فلسفته السياسية اصبح هو دستوراً لا يطبق الا اذا كان على رأس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء اشخاص لهم صفة تمثيلية في محيطهم الطوائفي وعلى مستوى الوطن.
من جهة اخرى فان صيغة التكنوقراط لا تسري في البلدان التي تعتمد دستوراً مركباً ومعقداً تقول المصادر نفسها، وهي تصلح لقيادة الهرم الاداري للدولة بعد إدخال تعديلات جذرية على هيكلية الادارة اللبنانية.
الواضح كما تقول المصادر ان العلاقة الكتائبية – القواتية بعد انتخاب سامي الجميّل رئيساً للحزب دخلت مرحلة دقيقة لان الجميل عليه ان يثبت قدرته الحزبية والاندفاع الى الامام في مواجهة الحالة القواتية التي مدها سمير جعجع بعد خروجه من السجن بزخم كبير وعلى رئيس الحزب ان يعمل على استعادة المواقع التي خسرها الحزب وتحديث القاعدة الحزبية وتجديدها بعدما ادركتها الشيخوخة والوهن.
وهذا الامر بدون شك لن يروق رئيس القوات الذي يعمل على ان يكون في المستقبل وريث الحالة المسيحية لميشال عون بعد اعلان ورقة النيات بحسب المصادر المسيحية، ولا يريد لاحد ان يطأ او يلعب في ملعبه، ومن يراقب على الارض يتبين له حجم المعركة الصامتة والقائمة والتي تظهر في بعض المناوشات «الفايسبوكية» على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعمد كل من الجميل وجعجع من وقت الى آخر الى الالتقاء وتحييد الاجواء الملبدة واشاعة الاجواء الايجابية عن علاقتهما الملتبسة.
والواضح وفق المصادر ان رئيسي الكتائب تتنازعه عدة توجهات وارتكب بعض «الفاولات السياسية» في الاصطفاف الخاطئ الى جانب الرئيس ميشال سليمان في المعركة المفتوحة على الرابية بتسوية الترقيات مما اربكته القاعدة العونية التي لا تستطيع ان تقبل هذا الهجوم والتجني عليها من قبل فريق مسيحي اساسي، كان من المفترض ان لا يكون شريكا للمستقبل في المعركة على عون والسمة الاساسية في الكتائب ان هناك «ازمة موقف وموقع» فرئيس الحزب حاول استرضاء الرأي العام والحراك الشعبي بشعارات قد تدين فريقه السياسي قبل ان تدين الاخرين خصوصا ان حزب الكتائب له تجربة طويلة في السلطة. ويأخذ البعض على رئيس الكتاب تهيبه من الخروج من دائرة 14 آذار وعدم قدرته على البقاء منخرطا فيها حتى العظم مثل حال القوات والمسيحيين المستقلين ضمن هذه القوى، وتخلص المصادر الى القول ان على الكتائب ان تخرج من صيغة «او» او «او» واحداث نقلة نوعية لحزب يفتقد الى وضع رجليه مجددا في الموقع الصحيح حتى لا يسقط في الرمال المتحركة.