يعلل حزب الكتائب النفس بأن دوره لم يحن بعد، وأن المستقبل له. أعتق الاحزاب اللبنانية وجد نفسه لاعباً ثانوياً في الحياة السياسية، بعدما وضعه حلفاؤه، قبل خصومه، على مقاعد الاحتياط. لكن الكتائبيين يكابرون: «لا أحد يلغينا»
بعيدٌ هو حزب الكتائب عن الحوار المرتقب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. يتخذ الرئيس أمين الجميل وضعية المتفرج وهو يرى حلم الرئاسة يتلاشى شيئاً فشيئاً. بعد «فتوى» الرئيس نبيه بري بحصر إضفاء الشرعية الدستورية المسيحية على قرار التمديد لمجلس النواب بالتيار أو القوات، أتى «مشروع» الحوار ليكرس هذه المعادلة. طرفا الحوار، التيار والقوات، أقصيا بقية الاطراف المسيحية حتى من قبل أن يلتقيا، فيما يحاول الكتائبيون مداراة انزعاجهم بالمكابرة.
النائب إيلي ماروني يُذكّر بأن الكتائب «كانت سباقة في الدعوة الى الحوار. والرئيس الجميل كان من القلة الذين طالبوا باستمرار الحوار في بعبدا. وفي بكركي كان هو الوجه الايجابي للمتحاورين، إضافة الى أنه صاحب الدعوة الى مبادرة إنقاذ الجمهورية». كل ما ذُكر يجعل من الجميل، استناداً الى ماروني «السياسي الذي يزور ويُزار من كافة القيادات، وهذا دليل على انفتاح الكتائب». عضو في المكتب السياسي محسوب على النائب سامي الجميل يزايد على ماروني، مشيراً الى جولة الجميل الابن على عون وجعجع والنائب سليمان فرنجية، «حينها طلبنا منهم أن يتحاوروا. وها هما عون وجعجع اليوم عملا بنصيحتنا». أما المبرر فجاهز: «تقوية وضع المسيحيين في الدولة بعد أن دفعوا طيلة 25 سنة ثمن القطيعة بين أحزاب هذا الفريق».
يجري التعاطي مع الحزب كأنه لا يمثّل أكثر من أمانة 14 آذار
إذاً في الظاهر، الحوار القواتي ــ العوني لا يشغل بال الكتائبيين. يؤكد ماروني لـ»الأخبار» أن الكتائب «مطلعة على التفاصيل ونعرف كل شيء. جعجع ليس بعيداً عن حلفائه ولا أحد أصلاً يقدر على أن يلغينا». إلا أنه، في الوقت نفسه، لا يخفي «استغرابه» للضجة التي أثيرت حول هذا الحوار، «مع العلم بأنه ليس إنجازاً تاريخياً. من الطبيعي أن يلتقيا»، وسيعتبر إنجازاً «إذا أثمر نتائج إيجابية» لا يبدو أنه يعوّل كثيراً على الوصول اليها، لأن «أي اتفاق بين التيار والقوات يعنيهما فقط. الحوار ليس على مستوى الوطن». عضو المكتب السياسي، أيضاً، لا يخشى انعكاسات سلبية للحوار، لأنه «لا أحد قادر على تخطّي الكتائب. نحن لاعب أساسي في الساحة السياسية ومكاننا محفوظ»، متسائلاً: «الى أي حدّ ممكن أن يصل حوار الطرفين في الموضوع الرئاسي؟ وهل القرار بأيديهما؟»
وفي الاطار نفسه أيضاً، يغرد النائب نديم الجميل، المتهم دوماً بأنه ضائع بين هويته الكتائبية والقواتية. لا أهمية للحوار برأيه، لأن «المنطقة تتخبط بأمور أهم. ما يحصل على الصعيد المحلي ليس الا مضيعة للوقت». ورغم كل ما يشاع عن تقدم نحو وضع ورقة عمل بين التيار والوقت ستمهد للقاء الخصمين، يستبعد الجميل عقد لقاء كهذا، فـ»نحن ننسى المبادئ الاساسية ونهتم بأمور تافهة ليست هي الاساس».
«ضربة المعلم» الوحيدة للكتائب، في السنوات الأخيرة، كانت لدى تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، عندما استفاد من غياب «شريكه»، القوات اللبنانية، ليستولي على حصتها الوزارية. باستثناء ذلك، يجري التعاطي مع الحزب كأنه لا يمثّل مسيحياً أكثر مما تمثل الأمانة العامة لـ14 آذار! هكذا جرى التعامل معه في مفاصل كثيرة، منها عندما رضخت قوى 14 آذار لشروط جعجع بأن يكون مرشحها، مبقية الرئيس الجميل والوزير بطرس حرب وغيرهما على مقاعد الاحتياط.
عضو المكتب السياسي يرى أن «القصة ليست قصة أحجام، ونحن لا نقيّم أنفسنا كل يوم». ويؤكد أنه «مسيحياً لا يوجد أكبر حزب أو أكبر تيار، لأن نسبة الملتزمين لا تتعدى عشرة في المئة، أما النسبة الأكبر التي يشكلها الرأي العام فهي تتأثر باختلاف الظرف والمواقف السياسية».
ماذا يبقى من دور للكتائب حالياً؟ يلتقي نديم الجميل وعضو المكتب السياسي، اللذان لا يجمعهما ودّ غالباً، على أن «دور الكتائب حالياً أن تكون الحجر الأساس في مواجهة الفساد المستشري في الدولة». وينقل بعض الكتائبيين عن «الشيخ سامي» قوله «الزمن حالياً ليس زمن الكتائب. المستقبل هو لنا».