Site icon IMLebanon

«الكتائب» خَرج من الحكومة… ولم يعد!

 

يقترب مشروعُ ولادة حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة من مرحلة الحسم: إما التقاط الصورة التذكارية في قصر بعبدا خلال أيام، وإما أزمة مفتوحة على مزيد من التعقيد. في كلا الحالين ثمّة أمرٌ مؤكّد: حزب «الكتائب» للمرة الثانية بعد العام 2005 خارج السراي الحكومي.

على رغم إصرار بعض المتابعين لملف تعيين قائد درك جديد خلفاً للعميد جوزف الحلو على حصر المفاضلة حتى اللحظة الأخيرة بين إسمين هما العميد جهاد الحويك والعميد مروان سليلاتي. فإنّ الأول، رئيس قسم المباحث الجنائية العامة حالياً، كان في حكم المستبعَد «بالسياسة» كونه من الضباط الذين تردّد أنهم من المحسوبين «سابقاً» على حزب «الكتائب».

بعد إنتخاب عون رئيساً للجمهورية، وحين شمّر عن زنوده ليبلّ يديه في تشكيلات الضباط المسيحيين في الأجهزة الأمنية والعسكرية، كان الحويك يشغل موقع قائد منطقة جبل لبنان الإقليمية، لكنّ صدور تشكيلات في تشرين الثاني 2017 نقلته الى رئاسة «المباحث الجنائية» ما شكّل يومها المؤشرَ الحاسم الى إستبعاده من قيادة الدرك.

حتى العميد جان غريب، القريب من الفريق العوني ومن ضباط محسوبين على «التيار البرتقالي» ضمن مجلس القيادة، لم يدخل دائرة المحظيّين بالمفاضلة، فإسم قائد الدرك كان موجوداً منذ مدة في جيب رئيس الجمهورية ميشال عون وحين اقترب موعد إحالة العميد حلو الى التقاعد بُلِّغت قيادة مديرية قوى الأمن بالاسم إضافة الى أسماء ضباط مسيحيين آخرين على رأسهم قائد منطقة جبل لبنان الإقليمية الجديد العقيد جهاد الأسمر.

في صورة نشرها الوزير سيزار ابي خليل على صفحته على «إنستغرام» في ذكرى 7 آب التي أحياها «التيار الوطني الحر» في كفرذبيان بدا قائد منطقة جبل لبنان الإقليمية العميد مروان سليلاتي، الذي عُيّن قبل أيام مساعداً أولاً لقائد الدرك (خطوة تمهيدية تسبق تعيينه بالأصالة)، متوسّطاً ابي خليل والوزير جبران باسيل في ذكرى محض حزبية.

في الكواليس كان ثمّة همسٌ بقرب حسم إسم سليلاتي على رأس الموقع المسيحي الأساسي في مديرية قوى الأمن الداخلي. وكما لم يكن لـ«القوات اللبنانية» لا ناقة ولا جمل في المشاركة في تسمية قائد الدرك الجديد، بحيث اقتصرت حصتها على تعيين العقيد سعد كيروز قائد سرّية جونية (شغل سابقاً موقع مدير مكتب وزير الداخلية السابق مروان شربل)، فما الحري بالنسبة لحزب «الكتائب»؟

يبدو حزب الكتائب معزولاً تماماً، عن التعيينات، عن مفاوضات تشكيل الحكومة، عن مروحة التفاهمات الموضعية بين بعض القوى السياسية… لم يقصّر رئيس الكتائب النائب سامي الجميل أصلاً في «عزل نفسه» أبّان حياكة التحالفات الانتخابية التي قادت حزبه الى خسارة يدفع ثمنها اليوم تجاهلاً تاماً له في عملية تأليف الحكومة.

مصادر الجميل تؤكد أنه ينكبّ على إعداد بعض الملفات الأساسية الحيوية لطرحها في مجلس النواب الجديد وخوض «معارك» من أجلها، خصوصاً في ما يتعلق بمشاريع مكافحة الفساد وتطوير النظام وتحديد الرؤية الاقتصادية لبلد «يشرف على الانهيار والإفلاس»، كما تقول المصادر.

في تشكيلات قوى الأمن الداخلي الأخيرة لم يرفع الجميل سماعة الهاتف ليطالب بتعيين ضابط، ولم يتوقع طبعاً مَن يسأله رأيه في الموضوع. الأمر نفسه إنسحب على مفاوضات تأليف الحكومة. منذ أربعة أشهر وبكفيا معزولة عن «طبخة الحكومة». خرج رئيس حزب «الكتائب» بكتلة من ثلاثة نواب. كيفما رَسَت معايير تأليف الحكومة بدا صعباً جداً إيجاد مقعد لحزب «الله والوطن والعائلة» على طاولة مجلس الوزراء في ظلّ «التطاحن» «العوني»-»القواتي» الذي كاد يهدّد حتى مقعد تيار «المردة» في الحكومة، وبالكاد نَفَد منه الرئيس المكلف!

في إحدى المناسبات القليلة التي جمعت الحريري بالجميل، وعلى رغم العلاقة المتوترة دار حديث مباشر بين الرجلين ركّز خلاله الأول على الاستحقاقات المقبلة بعد تأليف الحكومة من مواكبة متطلبات مؤتمر «سيدر» والشروع بإصلاحات كبيرة ومكافحة الفساد وحسم الملفات الحيوية وعلى رأسها الكهرباء والنفايات. من جهته، بادر الجميل الى التأكيد أنّ حزبه سيعتمد «النَفَس الإيجابي» بعد انتهاء الانتخابات النيابية «من ضمن إعطاء فرصة للتغيير في النهج من موقعنا المعارض سواءٌ كنّا داخل الحكومة أو خارجها». إيجابية مفرطة لم تقابل حتى بلفتة، ولو شكلية، من أولياء تأليف الحكومة لمعرفة «ما يطلبه الكتائبيون».

 

تقول مصادر «الكتائب»: «لم نتّصل بأحد وأحد لم يتصل بنا. لم يكن لدينا أيُّ موقف مسبق من الحكومة المزمع تشكيلها، ولم نكن «مستقتلين» للدخول اليها خصوصاً بعدما شهدنا على جولات من المحاصصة والتناتش على الحقائب والحصص»، مؤكدة «اننا لم نكن في وارد الدخول في هذا البازار المسيء الى صورة تأليف الحكومات، فيما البلد برمّته يتّجه نحو الانهيار بفعل تراكم الأزمات والعجز عن حلّها».

وتضيف المصادر: «فعلياً نحن لم نتفاجأ بهذا الاسلوب، فـ «اتفاق معراب» نفسُه نصّ حرفياً على المحاصصة و«اقتسام المغانم» من ضمن عملية إلغاء للآخرين على كل المستويات إن كان بالتعيينات أو تقاسم الحصص في الحكومة».