IMLebanon

الكتائب سنة أولى برئاسة سامي الجميّل… خاض معمودية انتخابية وربح بالمرّ والخصوم

بعد انتخاب النائب سامي الجميّل رئيساً للكتائب اللبنانية بسنة واحدة، قفز الحزب إلى دائرة الضوء من خلال انتخابات زحلة البلدية والاختيارية ثم جبل لبنان ببلداته وقراه. كان الاعتقاد أنه هرم بعد ثمانين سنة على انطلاقته وتبيّن أنه قادر على استعادة شبابه والظروف تساعده.

يفضّل الخصوم، وهذا طبيعي، حصر نجاحات حزب الكتائب الأحد الماضي في قضاء المتن، ونسبها إلى ماكينة حليفه الإنتخابي في المتن النائب ميشال المرّ. وهذا حَوَل سياسي لا يمكن تغطيته بالوقائع. فالكتائب أخذ مكانه واسعاً في كل جبل لبنان. وبالطبع يتمتع النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء بمزية استناده في قضاء المتن وبعض بعبدا إلى مجموعة قوية من رؤساء بلديات ساهم في إيصالهم إلى مواقعهم ودعمهم مدى أعوام طويلة ومن نجح منهم في نسج علاقات وطيدة بأهل بلدته ثبّت نفسه رقماً قوياً فيها، وبقيت مرجعيته النائب المرّ.

بطبيعته حزب الكتائب متمدّد في المكان، لكنه يتفوّق بتمدده في الزمن أيضاً. حزب قديم عرف مراراً صعوداً وهبوطاً، دخله وتركه (أو انكفأ عنه وعن السياسة والشأن العام) عشرات الآلاف، ليس من المحازبين العاديين فحسب بل من الأعلام. يسمّي ذاكرة الحزب، نائب رئيسه جوزف أبو خليل عن شخصيات سياسية بارزة وقامات فكرية كبيرة انتسبت أو كانت على وشك، من حميد فرنجية المشارك في اجتماعات التأسيس إلى جوزف مغيزل مروراً بصلاح لبكي وخليل تقي الدين وكثيرين آخرين، وكان مؤسس الكتائب الشيخ بيار الجميّل يفضّل أن يبقوا أصدقاء لأنهم لن يستطيعوا الإنصياع لقرارات الحزب. لكن هذا موضوع آخر. ما حصل خلال سنة من رئاسة سامي الجميّل أن إعادة هيكلة حصلت، وأن تعيينات ضخت دماء شبابية في شرايين الحزب وبسرعة قصوى أحدثت فرقاً في أداء الكتائب من خلال ماكينة سياسية – انتخابية – إعلامية متخصصة متكاملة، لاحظ اللبنانيون جانباً منها في غرفة العمليات المركزية عند إصدار النتائج الإنتخابية في الصيفي. ولا يقل اندفاع الشباب الكتائب، وبينهم سامي الجميّل، عن اندفاع شباب “المجتمع المدني” الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً منه، يتفاعلون معه بقوة.

يكفي تذكير الكتائبيين الكثيرين بأنهم كتائبيون وهذا عنصر تفوّق لا تمله أحزاب أخرى. مرة قال كريم بقرادوني لسمير جعجع – مع حفظ الألقاب – على سبيل النصيحة عندما أعلن ترشيحه لرئاسة الكتائب عام 1993 ما فحواه إن هذا الحزب أشبه بسيارة قديمة العهد، محطمة وصدئة يستحيل تصليحها وإعادة تسييرها على الطرق. خسر جعجع حينها أمام الدكتور جورج سعادة وغادر الكتائب ولم يعد. وجلس بقرادوني بعده وراء مقود السيارة المحطمة الصدئة. ستعبر سنوات مديدة من الآلام قبل أن يباشر فتى الكتائب سامي الجميّل ورفاقه ورشة جدّدت القلب والروح وحافظت على الهيكل وبدأت تعطي تباشير نتائج جيدة في مدة وجيزة.

في جولة الإنتخابات الأخيرة ارتكب خصوم الكتائب أقصى ما يمكنهم من أخطاء وسوء تقدير فقدموا إليه هدايا يتوجّب أن يشكرهم عليها. من تصوير بلدية سن الفيل أرض معركة ستالينغراد حين كان الكتائب متأكداً تماماً من عجزهم عن أخذها. إلى استخفاف بإدراك قيادة الحزب خلفيات السعي إلى حشرها بتمثيل ضيّق في “لائحة تجدد جونية” بإعطاء حزب “القوات اللبنانية” ضعف عدد المقاعد المعروضة على الكتائب رغم أن الحضور الكتائبي في جونية أكبر. والأهم إبراز نية إقصائية في التعاطي وكل القوى السياسية خارج إطار “التحالف الثنائي” الذي انحدر الحديث عنه من “تحالف” إلى “تقارب”. فرض الواقع الجديد على الكتائب الوقوف في صف واحد مع المستقلين ليس من أجل حفظ الحضور والقدرة على التأثير في الأحداث فحسب، بل أيضاً وخصوصاً للاستمرار في الدفاع عن فكرة لبنان التي لا تنسجم إطلاقاً مع الخروج على الدستور وتعطيل رئاسة الجمهورية ولا مع سلاح “حزب الله” والتحالف معه.

انتخابات بلدية جونية مسألة أخرى. أدرك النائب الجنرال ميشال عون ونوابه وتكتله ولا بد، أنها إذا كانت إستفتاءً سياسياً على رئاسته للبنان فقد خسر فيه. فيكفي أنه لم يفز بأعضاء في البلدية لولا الكتائب.