يتباهى الكتائبيون بإنتمائهم الى حزب النضال والشهداء على مدى عقود من الزمن لا تقاس بموقف من هنا او هناك، وبأنهم لطالما كانوا الرقم الصعب في شتى الميادين، واليوم ما زالوا بقوة ضمن المشهد السياسي، ليثبتوا وجودهم على الساحة من خلال ثوابتهم التي لم ولن تتغيّر، وهم يرددّون دائماً بأن حزب الكتائب لم يبن زعامته على غرائز الناس، بل على مسيرة نضالية طويلة، مستمرة اليوم وغداً تحت عباءة شعار الحزب «لبنان اولاً وثانياً وثالثاً»، مؤكدين أن الكتائب مستمرة وستبقى ضمن الحزب التاريخي الذي يدافع عن لبنان، في ظل مقولة رافقته منذ نشأته «اذا كان لبنان في خطر فالكتائب جاهزة دائماً للشهادة»، لانها لم تقبل مرة بأي تسوية سياسية على حساب لبنان، وما يهمها في الطليعة الحفاظ على الثوابت والمبادئ التي ستبقى محفورة على الصخر مهما غلت التضحيات.
واليوم وفي ظل ما يجري على الساحة السياسية من خلط اوراق رئاسية، كان لرئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل موقف في اطار كل الملفات، وفي طليعتها الرئاسة والمصالحة المسيحية، لكن الملفين المذكورين ما زالا ضمن رؤية غير واضحة بالنسبة للبعض، ما دفعهم الى وضع تفسيرات غير واقعية ومنطقية، وفي هذا الاطار يشير عضو المكتب السياسي الكتائبي سيرج داغر خلال حديث لـ«الديار» الى «اننا لم نرّد على كل التهجّم الذي قرأناه وسمعناه من البعض، لاننا ننتمي الى مدرسة الكتائب التي علمتنا ان نقول كلمتنا ونمشي، لانها دائماً كلمة حق، فنحن نتحدث بالمنطق والوعي والحجج، لا بطريقة الهجوم والتوتر، فيما هؤلاء ينتمون الى مدارس اخرى إعتادت على الحقد ، اما نحن فنواجه بالغفران لاننا نشعر بالمسؤولية تجاه هذا الشعب، وبالتالي فأسلوبنا ليس التخوين، لاننا منذ ما يقارب العشر سنوات ونحن ندعو الجميع للخروج من مدرسة الحقد، لذا لسنا بوارد الردّ على الحملات التجريحية من قبل البعض، الذي لم يفهم علينا لانه لا يتقبّل المنطق، واصفاً الوضع بالعصفورية، فكيف يرّشح البعض خصمه؟ ورأى أن ما يجري اليوم ردات فعل ونكايات ، وهذا ليس اسلوبنا، فهم تعاطوا معنا بالشخصي وليس بالمنطق. مؤكداً على تأييد حزب الكتائب للمصالحة التي حصلت بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» بحيث ردّدنا مراراً بأنها اكثر من ايجابية ، ونحن عملنا على تحقيقها مراراً، ودعينا للخروج من الاحقاد والوصول الى رؤية مشتركة.
ورأى داغر أن التحالف يكون عادة مبنياً على الثوابت، وإلا سيكون مصيره الفشل، لان الثوابت المسيحية التاريخية مهمة جداً حين تكون ضمن اي اتفاق مسيحي، والمهم ألا تفرط بعد مدة وجيزة، سائلاً عن مدى رؤية الطرفين لمسألة تحييّد لبنان؟ كذلك الامر بالنسبة لمفهوم السيادة، اذ لا يوجد مفهوم مشترك لديهما، ولفت الى ان «الكتائب» لم تكن على خلاف شخصي مع العماد ميشال عون، بل هنالك اختلاف في السياسة.
ورداً على سؤال حول الاسئلة التي طرحها رئيس الحزب على عون وفرنجية واذا لاقت ردوداً من قبلهما، قال: «نريد ان نؤكد أن الصوت العالي لا يؤدي الى اي مكان، فنحن طرحنا اسئلة ننتظر الاجوبة عليها من المرشحين عون وفرنجية»، لافتاً الى وجود حوار مع تيار المردة يتناول كل الملفات وهي خاضعة للنقاش معهم، اما بخصوص «التيار الوطني الحر» فلا جديد معه، مشيراً الى بند ورد ضمن البنود العشرة التي صدرت عن تحالف «التيار والقوات»، يتناول مسألة ضبط الحدود ومنع دخول وخروج المسلحين من والى سوريا، سائلاً: هل قصدا خلال وضعهما هذا البند حزب الله من ضمن المسلحين المذكورين؟ نعم ام لا ؟ نريد جواباً، وهل سيقوم عون بضبط سلاح حزب الله حين يصل الى الرئاسة؟ واذا كان حزب الله لا يصنّف كحزب مسلح هل يوافق جعجع على ذلك ؟.
وعن مشاركتهم في جلسة 8 شباط المقبل لإنتخاب رئيس، اشار داغر الى ان كلام رئيس الحزب كان واضحاً، «لن ننتخب رئيساً يحمل مشروع 8 آذار»، فإذا خرج اي مرشح من مشروع هذا الفريق، وسار في إتجاه المشروع الجامع للبنان فسوف ننتخبه، وقال: «سنشارك في الجلسة بغض النظر لمن سنصوّت»، معتبراً ان من مظاهر العصفورية السائدة اليوم مشهد المرشح غير المشارك في الجلسة، بينما مَن رشحه سيشارك…! وسأل: «كيف سننتخب مرشحاً عطّل كل الجلسات الانتخابية للرئيس منذ بدء الفراغ الرئاسي؟ ورأى أن ما يجري اليوم يؤكد أن مرشح حزب الله هو الفراغ فقط، لان افعاله تدّل على ذلك، واذا كان يريد إيصال عون حقاً الى قصر بعبدا، فليتوجه نواب حزب الله للمشاركة في جلسة 8 شباط .
واعتبر من ناحية اخرى أن القول لحزب الله «انتم قادرون على الضغط على بري وجنبلاط لتأييد عون»، هو دعوة غير مباشرة لإستعمال السلاح، اي ان حزب الله قادر على الضغط حين يريد جدياً إيصال رئيس…
وعن البيان الذي اصدره نائب «القوات» فادي كرم رداً على الرئيس امين الجميّل بعد حديثه الى محطة «الجزيرة» مساء الاربعاء، قال: «نؤكد لمن يسأل عبر فادي كرم أن ما قاله الرئيس الجميّل هو وقائع معروفة إلا ممَن لا يريد ان يعترف بها، فهل من شك بأن هذه الترشيحات اربكت فريق 14 آذار؟ وهل من شك بأن هنالك منافسة في الشمال بين «القوات اللبنانية» و«تيار المردة»؟ اما في ما يخص التقارب فهل من شك بأنه سيكون ممتازاً اذا كان مبنياً على ثوابت راسخة؟ وسيكون كارثياً اذا كان مبنياً على حسابات آنية؟ لكن في النهاية سيبقى الرئيس الجميّل اباً للجميع وسيغفر للجميع، واصفاً اياه بالرئيس الوطني بإمتياز المنفتح والديموقراطي الذي لم يفرّط بأي شبر من لبنان في احلك الظروف، وعلى كل الاطراف ان يتذكّروا ذلك.
وحول ما يعتبره البعض بأن الكتائب متخوّفة من التحالف لانه سيلغيها، خصوصاً في الانتخابات النيابية، ختم داغر:» لو كان هدف الكتائب كسب الحسابات الانتخابية لكانت إنضمت الى التحالف المذكور، بدل ان تبقى ضمن اطار ممارسة القناعات، وحين نخيّر بين ثوابتنا ومصلحة لبنان او الحصول على النمرة الزرقاء، فبالتأكيد سنختار الثوابت ولبنان اولاً، لكن نؤكد للجميع أن كثيرين حاولوا إلغاء الكتائب لكنها بقيت راسخة وهم رحلوا، فهي دائماً اكبر من حجمها النيابي او الوزاري، وبالتالي سوف تبقى ضمير المسيحيين، ونحن نثق بالشعب اللبناني وبخيارنا للبنان، ونتمنى على الجميع ان يخرجوا من الذهنية الالغائية تجاه من يخالفهم الرأي .