IMLebanon

الكتائب حزب الدستور الجديد لكن قوانين “الضرورة” ستمرّ

تليق بحزب الكتائب زمن رئاسة النائب سامي الجميّل تسمية الحزب الدستوري الجديد لتمسكه الأصولي بما كُتِب في “الكتاب”، كما كان يُسمي الرئيس اللواء فؤاد شهاب الدستور، سائلاً عمّا يقول في بنوده عند كل معضلة تواجهها المؤسسات. موقف الكتائب من جلسة “تشريع الضرورة” أكبر مثل: بوضوح الشمس في يوم صيف تؤكد ثلاثة مواد (73 و74 و75) أن البرلمان هيئة انتخابية يستحيل أن تشرّع قوانين قبل انتخاب رئيس للجمهورية. لكن وحدهم نواب الكتائب الخمسة دخلوا واعترضوا وخرجوا، وألقى الجميّل خطاب الرفض تحت القبة وفي الخارج على رأس تظاهرة حملت نعش الدستور.

خمسة نواب كخمس أصابع في يد واحدة لا تصفّق. يحتاجون إلى خمسة آخرين كي يقدموا طعناً بدستورية الجلسة وقوانينها أمام المجلس الدستوري، لمزيد ضغط من أجل انتخاب رئيس. ولكن من أين؟ سيقول قائلون إن مواقف الكتائب الجديدة “دونكيشوتية” سياسية لا تأثير لها في الواقع. لا بأس . العميد ريمون إده وقف وحده في البرلمان معارضاً اتفاق القاهرة عام 1969 وسيُدمَّر لبنان قبل أن يقرّ الجميع بأنه كان على حق. وحده وقف مرشحاً للرئاسة في وجه المرشح الفائز سلفاً بالإجماع اللواء شهاب حين توافق عليه الأميركيون والرئيس جمال عبد الناصر، فقط لئلا يُقال إن لبنان دولة غير ديموقراطية.

مؤسس الكتائب الشيخ بيار الجميّل هو أيضاً كان أصولياً في دفاعه عن الدستور والرئاسة التي كانت عنده مع الجيش والقضاء (وبكركي) مقدسات لا تُمس. ورفض الأمر الواقع الذي فُرض على لبنان، في الستينيات والسبعينيات، كان مكلفاً جداً للحزب الذي انغمس في الحرب، ويجد نفسه اليوم أمام ولادة جديدة ومثاليات سلمية.

بعد رفض قيادة الكتائب القاطع توقيع وزرائها الثلاثة في “حكومة البدل من رئيس ضائع” قوانين جلسة تشريع الضرورة، باتت الحكومة التي تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية أمام ثلاثة خيارات: رد القوانين إلى مجلس النواب خلال 15 يوماً لإعادة درسها وهذا ما لن يحصل. الطعن بها أمام “المجلس الدستوري” وهذا ما لن يحصل أيضاً. التوقيع عليها ونشرها وهذا مستحيل لأنه يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء بالإجماع، خلافاً لمراسيم درجت رئاسة الحكومة على تمريرها أحياناً بـ18 صوتاً وأحياناً بـ20 أو 21 بحسب تصنيفات توضع لها من دون آلية نهائية ثابتة.

إلاَ أن علماء الدستور، “الخبراء في ابتداع طرق خرقه”، لن يعدموا طريقة للتوصل إلى مخرج. الحل الأسهل اعتُمد عند التمديد لمجلس النواب في تشرين الثاني 2014. آنذاك لم يوقّع وزراء الكتائب ولم يتوقف القرار السياسي الكبير عندهم. ففي دستور ما بعد الطائف تصبح القوانين نافذة حتى لو لم يوقعها رئيس الجمهورية بعد مرور 15 يوماً، بذلك تنقص صلاحياته عن صلاحيات وزير يمكنه تنويم أي قانون في درج مكتبه إلى الأبد.

ولعلّ الشعور بأنهم وحدهم يحملون السلّم بالعرض في البرلمان ومجلس الوزراء موحش للكتائبيين، لكنهم يؤسسون لصدقية يبنون عليها للمستقبل صورة حزب يتطلع إلى دولة تحترم نفسها ومواطنيها باحترام الدستور. صورة جميلة لحزب دستوري جديد.