الأسئلة التي طرحها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ليجيب عنها كل مرشّح للرئاسة هي أسئلة من حق كل لبناني أن يطرحها مع غيرها كي يطمئن الى مستقبل لبنان والى انه سينعم في ظل حكم يثق به بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي الثابت والدائم.
لقد ولَّى زمن اخضاع كل مرشّح للرئاسة في لبنان لامتحان سوري أو غير سوري يطرح أسئلة عليه، وفي ضوء أجوبته يتقرّر تأييد ترشيحه أو رفضه. والأسئلة السورية التي كانت تتوالى على المرشّحين للرئاسة في لبنان بدأت بسؤال: “هل توافق على بقاء القوات السورية في لبنان من أجل حفظ الأمن والاستقرار فيه؟”، وأن لا يطلب خروجها منه إلا بموافقة حكومة “وحدة وطنية” والاصرار على أن تكون كذلك لكي يعطّل الوزراء الذين ينتمون الى أحزاب موالية لسورية أي قرار في هذا الشأن. وقد اعترض العميد ريمون إده في حينه على تشكيل مثل هذه الحكومة لأنها ستعطّل اتخاذ أي قرار يدعو الى انسحاب القوات السورية من لبنان بعد مرور مدة السنتين المحدّدة في اتفاق الطائف وإلاّ اعتبرت قوات احتلال. لكن الأكثرية النيابية لم تأخذ برأي إده عندما صادقت على هذا الاتفاق فكانت النتيجة ان القوات السورية ظلّت 30 عاماً في لبنان وهو خاضع بوجودها للوصاية السورية التي كانت ترغم كل حكومة يتم تشكيلها على أن تورد في بيانها الوزاري العبارة “الخالدة” وهي: إن وجود الجيش السوري في لبنان هو “شرعي وضروري وموقت”. وقد استبعد إده عن رئاسة الجمهورية لأنه رفض بقاء هذا الجيش في لبنان رغم تأييد أميركا ذلك.
أمّا السؤال السوري الآخر الذي طرح على كل مرشّح للرئاسة في لبنان فهو: “هل توافق على إخراج العماد ميشال عون بالقوة العسكرية من قصر بعبدا إذا لم يخرج منه طوعاً؟”. فمن رفض استبعد عن الرئاسة، ومن وافق صار رئيساً، ليس لست سنوات فقط بل لتسع سنين… وبعدما خرجت القوات السورية من لبنان بانتفاضة شعبية عرفت بـ”ثورة الأرز” أصبح السؤال المطروح على كل مرشّح للرئاسة هو: “هل توافق على بقاء سلاح حزب الله لأن ثمّة حاجة اليه من أجل تحرير الأراضي اللبنانية التي تحتلها اسرائيل؟”، فمن أجاب بالموافقة أصبح رئيساً للجمهورية، وأن لا يتم تشكيل أي حكومة إلاّ إذا ورد في بيانها الوزاري “العبارة الثلاثية الذهبية” وهي: “الجيش والشعب والمقاومة”.
لذلك آن الأوان لأن تكون للمرشّح لرئاسة الجمهورية أجوبة واضحة وصريحة عن الأسئلة التي طرحها رئيس الكتائب النائب سامي الجميل وغيرها، لأن المطلوب رئيس لا ولاء له إلا للبنان ولا مصلحة له إلا مصلحة لبنان، رئيس إذا لم يكن مع أي محور في المنطقة لتجنّب الصراعات على أرض لبنان، فضلاً عن انقسام اللبنانيّين بين المحاور كما هم اليوم، فليكن تحييد لبنان هو السياسة الصارمة التي يجب انتهاجها، وأن تكون هناك ثقة بالرئيس الذي يطبّقها فلا يكون معروف عنه أنه يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر، إذ ليس كل من يقول بشفتيه “يا رب يا رب” يدخل ملكوت السماوات، وليس كل من يقول بشفتيه انه مع سيادة لبنان واستقلاله وحرية قراره يدخل قصر بعبدا، خصوصاً إذا كان معروفاً بسوء ادائه.
لذلك يمكن القول أن لبنان دخل زمن امتحان كل مرشّح للرئاسة بأسئلة لبنانية، والقبول بترشيحه يتوقف على أجوبته عنها لأن زمن اخضاع كل مرشّح للرئاسة لأسئلة غير لبنانية أو لا تعني لبنان قد تولّى، وحان الوقت لانتخاب رئيس له مواقف صريحة وواضحة حول سياسة لبنان الداخلية والخارجية، وليس سوى سياسة تحييده ما يجنّبه الانقسامات الداخلية والتبعية الخارجية ويحصّنه ضد كل تدخّل. وبما أن لبنان هو عضو في جامعة الدول العربية، فان عليه ألاّ يصوّت مع هذا الطرف أو ذاك، بل يصوّت عندما يكون اجماع ويمتنع عن التصويت عندما يكون خلاف. لقد آن أوان أن يأتي رئيس يعمل لمصلحة لبنان أولاً وأخيراً، ولا يظلّ يأتي رئيس بارادة هذا الخارج أو ذاك ويضطر الى العمل لمصلحة هذا الخارج وتقديمها على مصلحة لبنان.