IMLebanon

الكتائب إلى الآخر: الاستقالة إذا فرضت الضغوط ترقية روكز

وقائع تبعث على التأمل: لماذا يتطوّع ديبلوماسيون عرب وغربيون للتوسط لدى عدد من السياسيين من أجل تسهيل ترقية قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز إلى رتبة لواء، وتعيينه تالياً في عضوية المجلس العسكري؟

الخبر يؤكده أكثر من مصدر. والتحليل أن الرغبات الخارجية لا تخفى في إبقاء الوضع اللبناني هادئاً تحت السيطرة، وفي عودة الحكومة إلى العمل لمعالجة الأزمات الحياتية على أنواعها إلى أن يحين أوان الحل الأكبر، والذي يمر حتماً بانتخاب رئيس للجمهورية. يخشى الخارج رد فعل متوتراً من “التيار الوطني الحر” ينجرّ إليه “حزب الله” أيضاً ثم بقية الأطراف، مما يعني أن لبنان بات مرة أخرى أمام معادلة جديدة: “ترقية شامل روكز أو الفوضى”. إلا أنها معادلة غير نهائية، فثمة عناصر أخرى تتداخل وتؤثر فيها، منها معلومات تلقتها “النهار” عن تردد العميد روكز في قبول ترقيته إلى رتبة لواء، لأنه يرفض إنهاء مسيرته العسكرية بتسوية على حساب المؤسسة. يحيل هذا الموقف على ما سبق من محاولات للتوصل إلى تسوية صعبة، عمل عليها بجهد الوزير وائل أبو فاعور وأكثر من سفير لدول ذات نفوذ في لبنان. تسوية تقضي بملء الفراغات الناتجة من انتهاء مدة خدمة ثلاثة من أعضاء المجلس العسكري منذ أيار 2013 وإضافة ثلاثة أعضاء آخرين إلى هذا المجلس الذي يرأسه قائد الجيش العماد، ويضم إلى جانبه خمسة ضباط برتبة لواء، ليصبح عدد أعضائه 9 بدل 6 من الطوائف الست الكبرى.

قضى مشروع التسوية بإضافة ضباط ألوية من الطوائف المارونية والسنية والشيعية، فيصير المجلس من خمسة ألوية مسلمين وأربعة مسيحيين علماً أن ثمة قرارات يتخذها بالتصويت. يلاحظ المتحفظون عن التسوية إفقاد المجلس توازنه الطائفي من أجل ترقية روكز فحسب إلى رتبة أعلى.

لكن الأخطر هو ضرب التراتبية والمعايير في الترقية والتعيين. تتولى لجنة من ثلاثة ضباط كبار درس ملفات الضباط من رتبة عميد ركن المستحقين للترقية، وهم في هذه الحال من خريجي دورات 1981 و1983 و1984، والعميد روكز خريج 1983 يسبقه في التراتبية 21 ضابطاً عميد ركن من طائفته. هؤلاء وعشرات الضباط غيرهم أمضى 35 عاماً من حياته العسكرية يؤدي لهم التحية وسوف ينقلب الوضع فيصير عليهم أداء التحية له في حال ترقيته إلى رتبة لواء. لن يمرّ هذا الخرق للتراتبية والقانون وتجاوز الحقوق بسهولة. على الأقل سوف تتجه مجموعة كبيرة من الضباط إلى مجلس شورى الدولة بطعن في تعيين يغمطهم حقهم ويضرب الأنظمة والقوانين والأعراف في المؤسسة لمصلحة ضابط ملأت أشرعته رياح سياسية شديدة الخطورة على المؤسسة، لأن كل تلميذ ضابط بعد هذه الواقعة سيضع في حساباته ضرورة اللجوء إلى حزب، أو زعيم، أو تيار ليرقيه ويوصله إلى رتب أعلى.

يتذرع من يبررون لترقية روكز بأن قائد الجيش يمكن اختياره من بين العمداء وتجاوز التراتبية تالياً. جواب المتحفظين أن الاستثناء محصور في منصب قيادة الجيش وتعميمه يضرب الجيش في صميمه. ويتابع السياسيون المعنيون باهتمام شديد تطور هذه القضية، متحسبين – رغم كل المعطيات التي توحي أن الترقية مستحيلة – لاحتمال أن يفعل الضغط الخارجي والداخلي فعله، سواء في قيادة المؤسسة العسكرية أم في قوى سياسية تقف خلفها من أجل المحافظة على الجيش. عند هذا السؤال يطرح المتحفظون على أنفسهم السؤال: ما العمل إذا وصل القرار إلى مجلس الوزراء وارتضى “تكتل التغيير والإصلاح” وحلفاؤه التصويت لاتخاذ القرارات ووافقت على الترقية غالبية الثلثين؟

حزب الكتائب يبدو حاسماً في قراره الرافض وأيضاً في رد فعله: استقالة وزرائه الثلاثة.

وإذا رفض الرئيس تمام سلام هذه الاستقالة؟ “نصرّ عليها ويتولى وزراء بدلاء الوزارات الثلاث. وفي كل الأحوال لماذا نبقى في هذه الحكومة إذا كانت عاجزة، ولن تستطيع رفع النفايات من الشوارع والأحياء والقرى؟ ألنتحمل مسؤولية عمّن لا يتحملون مسؤولية ويدمرون البلاد بلا تردد من أجل مصالحهم؟”.

ينصرف المسؤول الكتائبي بعد هذا الجواب إلى التفكير بصوت عالٍ بما يتوجب فعله في اليوم التالي للاستقالة، كأنها حاصلة غداً.