مستقبل العراق أمر حيوي لاستقرار منطقة الشرق الأوسط وخارجها. الفدرالية الصحيحة التي ترتكز على قاعدة سلطة عادلة وتقاسُم العائدات بشكل مُنصف، يجب أن تُطبّق في العراق.
تقسيم العراق لا يخدم استقرار أي دولة في المنطقة بشكل عام، وسيضرّ بمصالح جميع مكونات العراق، ومع ذلك إبقاء هذا البلد مُوّحداً ليس بالمهمة السهلة.
الحكومة العراقية مُطالبة بانتهاج سياسات شاملة لإعادة دمج السنّة والشيعة والمسيحيين والعرب والتركمان والأكراد والأقليات على حد سواء بشكل متساوٍ.
وبمعنى آخر، إنّ المصالحة هي المفتاح للحفاظ على العراق مُوحّداً، ولهزيمة «داعش» وغيرها من الحركات الإرهابية المتطرّفة. والمصالحة من شأنها تسهيل إجراء الإصلاحات الإقتصادية والسياسية والأمنية المطلوبة. ولقد فشلت الحكومات السابقة للأسف في القيام بذلك حتى الآن.
إنّ جهود الحكومة العراقية الحالية لإصلاح جهاز الدولة، وخلق اقتصاد يعتمد بشكل أقل على سوق النفط في ظلّ قطاع خاص قوي وتشكيل حكومة فاعلة ذات رؤية وتعمل بانسجام، وتحسين الأداء، يجب دعمه لأنّه خطوة ضرورية في الإتجاه الصحيح.
كذلك إنّ حكومة حيدر العبادي تسعى إلى علاقات أفضل مع دول الجوار، وهو ما يشكّل عنصراً أساسياً آخر وسيكون مثمراً لمصير العراق.
في المناطق التي تحرّرت من قبضة «داعش» في العراق، إنّ تحقيق الإستقرار وإعادة الإعمار هي جهود مطلوبة.
وتمويل هذه الجهود يجب أن يوجّه بسرعة نحو الإحتياجات العاجلة للمدن التي دمرها «داعش». غياب التمويل وإعادة البناء من شأنه أن يعزز فقط موقف الجماعات المتطرّفة التي تستغل بؤس الناس الذين يعانون في العراق.
أي بلد لائق يجب أن يكون لديه قوة وطنية أمنية واحدة، وهي الجيش الوطني والشرطة الوطنية، التي يُفترض أن تشكّل انعكاساً لنسيج المجتمع.
إنّ استمرار أي ميليشيا خارج نطاق القضاء أو جماعات مسلحة موازية تشكّل تهديداً أكبر لدولة العراق التي يحاول العراقيون بناءها.
الدستور العراقي بدوره ينصّ على ضرورة تعهّد القوات العراقية بالتعاون مع القوى المحلية بالعمل لاستعادة الإنتظام العام والأمن في المحافظات في مقاربة لامركزية، وضمان العودة الآمنة للمشردين داخلياً لحماية التركيبة السكانية للمحافظات كما كانت عليه قبل النزاع.
المساهمات الدولية لتدريب وتجهيز القوات العراقية وقوات حكومة إقليم كردستان ينبغي تشجيعها وليس تثبيط عزمها، لا سيما وأنّ «داعش» هي ظاهرة عالمية، ولن يمتلك أي بلد القدرة على محاربته منفرداً.
ولكن لا ينبغي في نهاية المطاف أن تقع المساعدات العسكرية إلى العراق وحكومة إقليم كردستان في أيدي منظمات إرهابية مثل حزب العمّال الكردستاني(PKK) أو تلك التي تدور في فلكها مثل حزب «الإتحاد الديموقراطي» الكردي (PYD) وجناحه المسلح وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا» (YPG)، أو حتى «داعش»، كما حصل في الموصل في شهر حزيران عام 2014، وفي مدينة الرمادي في أيار 2015 وفي الفترة الأخيرة في سينجار.
ومن العار أنّ بغداد، المركز التاريخي للعلم والمعرفة في الشرق الأوسط، تشهد في هذه المرحلة إراقة للدماء وأشد موجة عنف في التاريخ.
إنّ تراثنا وقيمنا التاريخية لا تسمح لنا بالنوم قريري العين، فيما يشعر جيراننا بالإنزعاج، ونحن فقط نود أن نرى عراقاً مستقراً ومزدهراً وينعم بديموقراطية قوية ومُوحّدة.
• الوزير التركي السابق لشؤون الإتحاد الأوروبي