لا حل لبنانيا قبل التسوية في سوريا، إذ إن الفرقاء اللبنانيين لا يمتلكون قدرة توليد الحل ولم يحسنوا الاستفادة من انشغال العالم بالنار المحيطة. هذه الخلاصة توصل إليها ديبلوماسي غربي في بيروت، في سياق نظرته الى مسار الاوضاع المحلية، والتي يرى انها «ازدادت تعقيدا مع التأزم الحاصل مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، رغم ان الامور هدأت الى حد ما بعد ممارسة دول مجموعة الدعم الدولية للبنان ضغوطا وتمنيا على الرياض لمنع اخذ المواجهة مع ايران على الساحة اللبنانية بعدا اكثر دراماتيكية يؤدي الى فقدان السيطرة وخروج الاستقرار عن دائرة السيطرة».
يرى الديبلوماسي «ان العلاقة بين بيروت والرياض ما كان يجب ان تصل الى هذا الحد، خصوصا في ضوء المحاولات لتنظيم الخلاف بين السعودية وحزب الله التي حصلت ابان عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز؛ وقد كان تصنيفُ حزب الله منظمة ارهابية قراراً خطيراً جداً».
يضرب الديبلوماسي مثالا على ذلك ما حصل في الملف اليمني ويقول: «مجرد ان استحصل السعوديون على قرار من مجلس الامن الدولي ينص على شرعية حكومة عبد ربه منصور هادي، وضعوه في جيبهم وباشروا حربا ضد اليمن، مما فرض واقعا لا يمكن تجاوزه، وهو انه حتى لو انتصر انصار الله وعلي عبدالله صالح وحلفاؤهما في الميدان، الا ان القرار الدولي يرسم مسارا مختلفا».
يرى الديبلوماسي نفسه ان «السعودية غير قادرة على الاستحصال على قرار من مجلس الامن يصنف حزب الله ارهابيا، انما الديبلوماسية الاستباقية امر مهم جدا لتلافي الوصول الى المحظورات، وكان بمقدور الديبلوماسية اللبنانية ـ لو اتبعت خطة معينة ـ عدم وصول دول الخليج الى مرحلة اصدار قرار يصنف الحزب ارهابيا، وانا اقول الى الآن هناك امكانية لسحب القرار وهذا يحتاج الى جهد كبير وتكامل جهود وادوار تبقى منقوصة في ظل غياب رئيس الجمهورية، اذ ان لتحركه وقع معنوي يؤخذ في الاعتبار في ظل ما نشهده على الصعيد العالمي من تقدم لما صار يعرف بديبلوماسية الرؤساء».
يشير المصدر الى حالة الانكماش التي وصل اليها لبنان على كل الصعد، مستندا الى ما حصل خلال زيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاخيرة الى بيروت، «بحيث انقسم المستوى السياسي بين من اعتبره في مقام رئيس جمهورية، ومنهم من اعتبره رئيس وزراء، وآخرون اعتبروه برتبة وزير او سفير. ربما كان موقف وزير خارجيتكم بروتوكوليا سليما، ولكن في ظل التحديات التي يواجهها لبنان، فإن التصرف الذي اعتمد لا يمر في السياسة وكان يجب ان يكون المشهد جامعا».
يتناول الديبلوماسي الزيارات الدولية الى لبنان ويكشف عن ان «كل الزيارات هي لاعطاء مساعدات تبقي على النازحين، ولبنان لا يريد بقاءهم، ولكن بانتظار عودتهم هل يتركون بلا اهتمام وبلا تعليم او طبابة او مأكل؟». ويشير الى ان لبنان يحتاج الى المال للايواء المؤقت حتى يستطيع النازحون العيش، وهذا لا يشتمل على تناقض، اي ان اخذ المال لايوائهم لا يتعارض مع عودتهم الى ديارهم.
يردد المصدر ما صار لسان حال زملائه في البعثات الديبلوماسية لجهة «اننا نريد لبنان آمنا ومستقرا، ونريد مطاره ومصارفه ومرافئه البحرية، ونريد طريق بيروت دمشق سالكة ومفتوحة بلا اي مخاطر. انها مقاربة بسيطة ولكنها معبّرة كون لبنان هو بوابة اعادة اعمار سوريا، لذلك لا بد من العودة الى الاستثمار على مجموعة الدعم الدولية للبنان، ليس على قاعدة ما يمكن ان تحصلوا عليه من مال انما بقدر امكانيتها على إخراج لبنان من دائرة الخطر».
ويختم الديبلوماسي بحادثة من التاريخ القريب. «في حرب الخليج الاولى وتحرير الكويت، يومها قال قائد القوات الاميركية في تصريح له: انه لو كان مكان الرئيس جورج بوش لأكمل الطريق الى بغداد. وعندما سئل الناطق الرسمي باسم البيت الابيض عن رأيه في هذا التصريح، قال إنه في الصحراء يصاب الشخص بضربة شمس، اما القائد العسكري فقد اصابته ضربة فلاش اي وقع تحت تأثير الإعلام والكاميرات.. وانتم في لبنان كثيرون من العاملين بالشأن العام وبالعلاقة مع الخارج يصابون بضربة فلاش. يجب التقليل من الكلام والاكثار من الحركة الهادفة».