IMLebanon

أحلام كيري  ووقائع لافروف

 كما في فيينا كذلك في ميونيخ: نقاش في حلّ سياسي على هامش حلّ عسكري على الأرض، وليس بين أعضاء المجموعة الدولية لدعم سوريا من يستطيع، وإن أراد، التحرك الى أبعد مما يرسمه الراعيان الأميركي والروسي. لا الايراني الذي يتحرك تحت الغطاء الجوي الروسي. ولا السعودي والتركي اللذان يعلنان الاستعداد لارسال قوات برية الى سوريا لمحاربة داعش تحت راية التحالف الدولي بقيادة أميركا. وأقصى ما راهن عليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، كما نقل عنه ديفيد اغناطيوس في الواشنطن بوست، هو تجربة خطوتين: الأولى محاولة إقناع موسكو بأن ما يخدم مصالحها بشكل أفضل هو الانتقال السياسي في سوريا، وان الخطر عليها في غياب التسوية هو تهديد انفجار داخلي في سوريا، تهديد حرب طويلة تترك روسيا متورطة على الأرض، وتهديد ازدياد عدد الارهابيين. والثانية امتحان جدية الروس والايرانيين في وقف النار، واذا لم يكونوا جديين، فيجب التفكير في خطة باء.

لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يسخر بالطبع من محاولة كيري تعليمه ما يخدم مصالح موسكو، يتصرف على أساس أن من أهداف العملية العسكرية الروسية مواجهة الأخطار وحماية النظام. وهو يقترح وقف النار في أول آذار لاعطاء قوات النظام وحلفائه فرصة تطويق حلب والوصول الى الحدود مع تركيا رافضاً مطالبة كيري والمعارضة وداعميها بوقف نار فوري ورفع الحصار. لا بل يترك للناطقة باسم الخارجية أن تعلن ان وقف النار لا ينسحب على العملية العسكرية الروسية.

ولا أحد يعرف كيف تنتقل أميركا الى الخطة باء من دون أن تكون لديها أصلاً الخطة ألف. فالعنوان الذي وضعه كيري للخطة هو قيادة تحالف ضد الارهاب، ودعم المعارضة ضد الأسد. والتطور الذي تحدث عنه وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر بعد اجتماع في بروكسيل لوزراء الدفاع في دول الحلف الأطلسي ودول أخرى هو تكثيف العمليات على داعش وبقية التنظيمات الارهابية. لكن الكل يعرف ان ما فعله الرئيس باراك أوباما على مدى السنوات الماضية هو تكريس معادلة اللاحسم في حرب سوريا: منع الدول التي تدعم المعارضة من تقديم أسلحة مضادة للطيران والامتناع عن اعلان منطقة حظر جوي، والسماح بما يحول دون قدرة النظام على سحق المعارضين. ثم جاء الدخول الروسي في الحرب، والرهان الأميركي على تسوية سياسية تديرها موسكو.

والحرب مستمرة بنجاح روسي. والتسوية متعثرة بهمة كثيرين. والسوريون نازحون في ظروف مناخية قاسية وظروف حربية أقسى. والدمار شامل. وأي مستقبل لسوريا من دون سوريين؟ –