IMLebanon

طوفان كسروان

 

 

إستغرقت رحلة ابنتي بأوتوكار المدرسة ثلاث ساعات وثلثاً. رحلة نهرية لمسافة خمسة كيلومترات امتدّت من منبع غزير إلى مصبّ أدما. تابعت الرحلة دقيقة بدقيقة. وشاهدت على مواقع التواصل الإجتماعي سيارات تتقاذفها السيول، كما الـ»شخاتير» الورقية التي كنا نصنعها عندما كانت تسالينا في حدود تصنيع الزوارق بالورق وتسيير العربات وتركيبها بأسلاك معدنية. والأحلام كما الهوايات بالمجان.

 

وحيال الكارثة الحقيقية سارع وزير الأشغال العامة علي حميّه إلى رفع مسؤولية وزارته، فمسؤوليتها «الطرقات الدولية وما حصل على أوتوستراد جونيه ليس من مسؤوليتنا وهو بسبب السيول والتعديات».

 

وزّع صاحب المعالي المسؤوليات، بنسب متفاوتة على وزارة الطاقة، وعلى البلديات، وعلى شركات النفايات، وعلى المخالفات، وعلى الملتزمين، وعلى المواطنين والمواطنات. معه حق. ويمكنني أن أضيف تقع المسؤولية على المدرّسين والمدرّسات، على الرهبان والراهبات، وعلى شوفرية الأوتوكارات، وعلى أهالي التلامذة والتلميذات.

 

ألا يعي الأهل، وأنا منهم، مخاطر إرسال أولادهم إلى المدارس التي تعلو مئتي متر عن سطح البحر؟ ألم يسمعوا تحذيرات جميلات الطقس من طقس عاطل أو أنهم مشغولون بتتبّع منافسات كأس العالم ورفع الصلاة لنصرة المنتخب الألماني؟

 

ألم يدرك سالكو الطريق الساحلية بعد، أن بلاد جونيه منطقة سيول وبراكين وأن الشيخ جوان ليس سوبرمان للقيام بأعمال خارقة؟

 

والمجرور بالمجرور يذكر.

 

في شتاء الـ 2018 طافت شوارع بيروت بمجارير الرملة البيضا. نوّاب بيروت تقدموا بشكوى محمّلين المسؤولية لأربع وزارات ووزارة الأشغال بالدرجة الأولى، الوزارة حمّلت المسؤولية للمحافظ، المحافظ بدوره حمل المسؤولية لبلدية الغبيري. ومن بلدية إلى مجلس إنماء وإعمار، ومن متعهّد إلى مهندس إلى هالك إلى مالك ضاعت المسؤولية وضاع التحقيق، كما ضاع وغرق مراراً في بحيرة سليم سلام.

 

في العودة إلى كسروان الأبية المنهمكة منذ صباح الأمس بالشطف وإحصاء الخسائر، من الظلم تحميل وزارة الأشغال والنقل فوق طاقتها، وفش خلق الناس بالوزير الخلوق والكفؤ. فمنذ سبعة أشهر والوزارة تصبّ معظم جهودها على توفير الظروف الملائمة لوضع 50 باصاً فرنسياً في الخدمة «وما عم تلاقي شوفرية»…. أما تزفيت الحفر على الطرقات الدولية والفرعية فتتولاه حملة «إنسى جورة».

 

وإن سُئلت الوزارة المسكينة حول عجزها عن معالجة حالات مماثلة ستجيب: لا اعتمادات.

 

بسيطة أخ علي. الإعتمادات تحتاج إلى دولة ذات سيادة وإلى حكومة كاملة المواصفات. والحكومة المنشودة تحتاج إلى رئيس يوقع مراسيمها. والرئيس يحتاج انتخابه إلى نصاب الثلثين في الدورة الثانية. والثنائي الوطني الذي انتدبكم لتمثيله في حكومة ميقاتي يمارس سياسة الإبتزاز والتعطيل. إنتخبوا رئيساً يرضى الله عنكم ويخفف غضبه السماوي على اللبنانيين وعلينا كمواطني شرف في بلاد كسروان.