لم يكن ينقص لوائح «قوس القزح» غير المنسجمة والتي تفوح منها رائحة الخلافات والإشكالات، سوى تعميم وزارة الداخلية التوضيحي الذي حدّد عددَ المندوبين المتجوّلين بمعدل مندوب واحد عن اللائحة لكل قلمَين في القرى، ومندوب متجوّل واحد لكل ثلاثة أقلام في المدن الساحلية.
خبرٌ وقع على مرشّحي لوائح كسروان جبيل وقوع الصاعقة. واللافت أنّ القاسم المشترَك بين معظم لوائح هذه الدائرة هو الاشتباكات الدائرة على محاور مكوّناتها «على راس السطح»، حتى إنّ بعضها لم يتمكّن من التقاط صورة تذكارية تجمع المرشحين صفاً واحداً.
لا بل أكثر من ذلك، الصورة اليتيمة التي جمعت النائب السابق منصور البون ورئيس «المؤسسة المارونية للانتشار» نعمة افرام، لم تُرَ لها خليفة. لائحة «التيار الوطني الحر» نموذج فاقع في «مصيبة» «الاقتتال» يبن أبناء الصف الواحد.
أخبار الخلافات تجتاح صالونات الكسروانيّين ونهفاتهم. وصل الأمر الى حدّ التندّر بأنّ وجبات طعام احدى اللوائح ستأتي يوم السادس من أيار الى المشاركين في الماكينة الانتخابية، من مصدرَين، من اللائحة ومن أحد مرشحي اللائحة.
فعلياً، تحمل معركة اللائحة البرتقالية عنوانين: الأول هو «زعامة» الصوت التفضيلي، والثاني عدد الحواصل التي ستنالها، واستطراداً هوية البطل الكسرواني الثالث الذي سيدخل «جنّة البرلمان».
لم يعتقد العونيون، أو أقله بعضهم أنّهم قبل أقل من ثلاثة أسابيع من موعد فتح صناديق الاقتراع سيواجهون إشكالية زعامة اللائحة. كأن تربُّع العميد المتقاعد شامل روكز على عرش الأصوات التفضيلية، محسوماً في نظرهم. وإذ بإفرام ينافس روكز على الطليعة.
وبعدما كان «التيار» يعمل على تجيير نسبة كبيرة من أصوات الحزبيين لمصلحة مرشح الحزب، أي روجيه عازار، صارت الخشية على ترتيب روكز في اللائحة في ضوء الأرقام التي ترد الماكينة العونية عن قدرات ماكينة افرام على استقطاب الأصوات التفضيلية من عمق الطبق العوني بفعل قدراته المالية الهائلة.
أما العنوان الثاني للمعركة فهو المقعد الثالث في اللائحة إذا ما افترضنا أنّ شامل وافرام ضمنا فوزهما. إذ إنّ التحدي الأهم الذي يواجهه «التيار الوطني الحر» هو في قدرته على إقناع الملتزمين، وكذلك المؤيّدين، بالاقتراع لمصلحة المرشح الحزبي أيّاً يكن هذا المرشح.
ويُطرح هذا التحدّي في ضوء الاعتراضات التي يواجهها ترشيح عازار كونه لا يمثل كل القاعدة العونية، الأمر الذي قد يفتح المجالَ أمام بلوغ النائب السابق منصور البون المرتبة الثالثة في تصنيف الأصوات التفضيلية في هذه اللائحة ليكون النائبَ الثالث بدلاً من عازار.
وبينما يتصرّف النائب السابق فريد هيكل الخازن على أنّ فوزَه صار خلفه، يحاول مع مكوّنات لائحته، وهم ليسوا أفضلَ حالاً من لائحة «التيار الوطني الحر» في خلافاتهم، حجزَ حاصلٍ ثانٍ، يدور التنافس عليه بين «الكتائب» ممثلة بشاكر سلامة والنائبة جيلبرت زوين.
أما في لائحة «القوات»، فالعين على موقع زياد الحواط الذي من شأنه أن يُنقذ معراب من شرك الخسارة، ويُدخلها الى قلب الجبل الماروني ولو بيافطة مرشح مستقلّ غير حزبي. في نظر معارضي «القوات» قد تثير المسألة حساسيّة تدفع بمعراب الى البحث عن استراتيجية معيّنة تقيها «شرّ خسارة مرشحها الحزبي، لكن وفق عارفي «القوات»، يكفي الخروج بنائب يجلس الى طاولة التكتل «القواتي» في نهاية المطاف ويترك موطئ قدم لمعراب في هذه الدائرة، لكي تكون ضمنت الانتصار.
أما لائحة الوزير السابق جان لوي قرداحي التي يجوز وصفُها بـ«الفدائية» كما عبّر الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، فهي تقترب من بلوغ الحاصل الانتخابي كما يقول داعموها، إذ يقول قريبون من «حزب الله» إنّه يعطي هذه المعركة، وهذا المقعد بالذات أهمية خاصة، قد توازي بقية المقاعد الشيعية الموزّعة بين الجنوب والبقاع وبيروت وبعبدا.
لا بل إنّ الماكينة الانتخابية المستنفرة في دائرة كسروان- جبيل هي الأقوى والأكثر فعالية بين الماكينات التي أنشأها الحزب في بقية الدوائر، وبالتالي هو لن يسمح بخسارة هذا المقعد مهما كلف الأمر، ويتصرّف على أساس أنّ الفوز يُفترض أن يحصل بأيّ طريقة.