تترقَّب دائرة كسروان- جبيل الصّورة النهائية للتحالفات المقبلة، في حين أنّ بعض المرشحين ينشطون لحصد الصوت التفضيلي بغض النظر عن اللوائح التي سينضمّون إليها، متّكلين على حيثيّتهم الشخصيّة لا الحزبيّة.
إذا كان من الصعب إظهار وجهة التحالفات النهائيّة التي تشهد صعوداً وهبوطاً في هذه الدائرة نتيجة تداخل عوامل كثيرة، فالأكيد أنّ بابَ التفاوض قد فُتح على مصراعيه بين المعنيّين بالعملية الانتخابيّة، في محاولةٍ لإرساء تفاهمات تُظهَّر في حينها.
ولا يغيب عن هذه الدائرة إجراءُ الحسابات الدقيقة ودرس ردود الفعل عند مكوّناتٍ سياسيّةٍ وعائليّة لها موقعها في دائرة مارونيّة بامتياز تضمّ 7 مقاعد مارونية، إضافة الى مقعد شيعي في جبيل على رغم أنّ تأثير الناخب الشيعي قد تراجع بسبب إعتماد النظام النسبي.
وما يطغى على هذه الدائرة هو واقعٌ جديد لم يمارسه الناخب اللبناني سابقاً. ولم تعد التحالفاتُ هي الأهمّ مع القانون النسبي، فالمعركة تكمن في حصد الصوت التفضيليّ بالدرجة الأولى، علماً أنّ الحاصل الانتخابيّ للائحة يسمح لها بأن تتمثل بمقاعد وليس أن تحسمَ هويّة المرشحين.
وعملياً، لن ينفع اللوائح مَن يترأسها ومَن يشكّلها، بل مَن يفضّل المقترعون من بين أعضاء هذه اللائحة أو تلك، خصوصاً أنّ الصوت التفضيلي هو لمرشّحٍ واحد.
وما يزيد صعوبة المشهد اللبناني عموماً والكسرواني خصوصاً هو عدم قدرة أيٍّ من المرشحين، أكانوا من الأحزاب أو التيّارات أو العائلات أو المستقلّين على تجيير أصواتهم التفضيليّة لزملائهم في القائمة الواحدة، ما يجعلها إنتخابات «الصوت الواحد للمرشّح الواحد»، وهي مفارقة قد لا توصل مَن كان يترأّس أو يشكّل القوائم كما جرى عليه التقليد سابقاً وفق القوانين التي كانت سائدة.
ومع إقتراب مهلة فتح باب الترشيحات وتأليف اللوائح، لا يزال حزب «الكتائب اللبنانية» في موقع المعارض للسلطة، إذ إنّ قنوات التواصل مفتوحة مع حزب «القوات اللبنانية» لكنّها لم تؤدِّ حتى الساعة الى بلوغ حدّ الإتفاق الإنتخابي.
وقد أجرى «الكتائب» منذ أيام عدّة إستشارات داخليّة لقسم كسروان من أجل حَسم إسم مرشّحه، وعلمت «الجمهوريّة» أنّ المرشحين البارزين هما الوزير السابق سليم الصايغ، والقيادي شاكر سلامة، لكنّ الأمور تحتاج بعض الوقت لحسم المرشّح، علماً أنّ الحزب يُجري مروحة إتصالات واسعة مع كل العائلات والقوى باستثناء «التيار الوطني الحرّ» من أجل تأليف لائحة متكاملة قادرة على المنافسة.
وبالنسبة الى حزب «الوطنيّين الأحرار»، فهو يطمح للعودة الى كسروان نيابياً، وفي هذا الإطار، يَدعم ترشيح نقيب المقاولين المهندس مارون الحلو الذي أطلق ماكينته الإنتخابية، وسط الرهان على شدّ العصب الشمعوني الذي كان موجوداً بقوّة في المنطقة، وقد إندمج قسم منه في بقيّة الأحزاب.
ووسط الحديث عن التحالفات وطرح أفكار وأفكار مضادة، لا تزال لائحتا «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» غير نهائيّتين في هذه الدائرة، وسط تأكيد «القوات» أنها تسعى الى بناء تحالفات متينة وثابتة.
وتؤكّد «القوات» أنّ ترشيح النائب السابق فارس سعيد في كسروان كان جدّياً لكنه لم يصل الى خواتيمه السعيدة، خصوصاً أنّ سعيد ينتمي الى الخطّ السيادي، وترشّحه في كسروان الى جانب مرشح «القوات» شوقي الدكّاش كان سيعطي المعركة طابعاً سياسياً سيادياً، وهناك تجربة ناجحة في انتخابات كسروان عام 2009 عندما دعمت «القوات» ترشيح عميد «الكتلة الوطنية» كارلوس إده وكاد أن يُحقّقَ خرقاً على رغم أنّ النظام كان أكثرياً، لكنّ سعيد متمسّكٌ بترشيحه في جبيل، و»القوات» متمسّكة بمرشّحها رئيس بلدية جبيل السابق زياد الحوّاط، وهي بالتالي لن تسحب مرشّحها الكسرواني شوقي الدكاش.
من جهته، يعيش «التيار الوطني الحرّ» مرحلةً حاسمة بالنسبة إلى الأسماء المرشحة، ولم ينجح دخول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على خطّ المعركة في تذليل بعض العقبات، وقد خرج النائبان يوسف خليل وجيلبرت زوين من الإجتماع معه، مصرّين على إستكمال المعركة من خارج صفوف تكتل «التغيير والإصلاح»، ويتّجهان إلى التحالف مع أحزاب وشخصيات تُنافس «التيار».
أما العميد شامل روكز فيعمل على إنهاء اللائحة في أسرع وقت، في حين أنّ التسريبات المتعلقة بالأسماء التي ستضمّها لائحة تكتل «التغيير والإصلاح» على غرار رئيس «المؤسسة المارونية للإنتشار» نعمة إفرام، النائب السابق منصور غانم البون أو زوجته، أو الوزير السابق زياد بارود، ليست دقيقة مع أنّ كل الإحتمالات واردة، والحقيقة أنّ الأسماء الثلاثة متريّثة، ولم ينتهِ التفاوض بينها وبين قيادة «التيار الوطني الحرّ» وروكز.
وفي هذا الوقت، يُواصل افرام المرشّح للمرة الأولى الى الندوة البرلمانية، نشاطه الإنتخابي بغضّ النظر عن تحالفاته، وقد بدأ منذ نحو الشهرين، ويستمرّ بوتيرة شبه يوميّة عبر لقاءات مباشرة ومفتوحة، تجمع أهالي البلدات والقرى ساحلاً ووسطاً وجرداً.
ويحاول إفرام الحصول على «تفويض شعبيّ»، لأنه يعتبر أنّ ذلك سيؤدّي إلى تحسين فرص تنفيذ مشروعه وأفكاره في «لبنان الأفضل».