لن يكون رئيس بلدية جونية جوان حبيش في منأى عن المعركة الانتخابية النيابية. الرجل سيُساهم في «الحشد الشعبي» للمرشح شامل روكز، لكنه لن يكون ممراً لأي مرشح على لائحة التيار الوطني الحر. تحفّظه يصيب، بالدرجة الأولى، أي مرشح محتمل من آل افرام
قبل أيام من الانتخابات البلدية في أيار الماضي، ربط النائب السابق فريد هيكل الخازن في لقاء مع «الأخبار» نتائج «البلدية» في مدينة جونية بالانتخابات النيابية المقبلة. وصف، في حينه، المعركة بأنها «صراع أحجام ونفوذ… خاصة أن الانتخابات النيابية بعد سنة، وقد يُستخدم هذا الأمر لمصلحة الفريق الرابح». من الطبيعي أن تُستثمر الانتخابات البلدية، التي خيضت بعنوان سياسي، نيابياً. لا سيّما، بعد أن كرّس التيار الوطني الحر نفوذه السياسي والإداري في كسروان. وضَرَب المشروع الهادف إلى «كسر» هيبة العماد ميشال عون «المسيحية»، وإضعاف موقعه كمرشح «قوي» إلى رئاسة الجمهورية. يُضاف إلى هذا الطابع السياسي، إدراك الخازن وغيره من الفعاليات الكسروانية، الدور التاريخي لبلدية جونية في انتخابات كسروان، منذ أيام رئيسها حنا البستاني الذي استغل موقعه خدماتياً لمصلحة الحلف الشهابي.
إضافة إلى ما يعنيه وجود شخص كجوان حبيش على رأس هذه السلطة المحلية. ليس حبيش فقط «رئيس الرؤساء» (كونه أيضاً رئيس اتحاد بلديات كسروان ــــ الفتوح)، بل النائب السادس، وقد يتقدم أحياناً على عدد من نواب القضاء. الخازن وزميله اللّدود منصور غانم البون، استفادا في دورة 2009 من وجود حبيش في البلدية. جيّر لهما أصواته، مُكرهاً لدوافع مناطقية ترتبط بالخلافات التي كانت تُهدد المجلس البلدي يومها، وكان الخازن يقبض على استقالات عددٍ من أعضاء البلدية. تكتل القوى السياسية المحلية والبلدية ضدّ لائحة التيار الوطني الحر، وتدخل الأجهزة الأمنية والرئاسة الأولى في حينه، أدّى إلى تقدّم لائحة الموالاة في عاصمة القضاء. الفارق بين أول الرابحين وأول الخاسرين، في حارة صخر (عدد الناخبين 4000 تقريباً) وساحل علما (نحو 1700 ناخب) تراوح بين 50 و71 صوتاً لمصلحة التيار. أما في صربا (5700 ناخب) وغادير (نحو 5400) فقد تراوح بين 160 و420 لمصلحة لائحة الموالاة. هذه الأرقام لن تتكرر بعدما أصبح نائب المنطقة، ميشال عون، رئيساً للجمهورية؛ وبعد أن انتقل حبيش إلى ضفة التيار العوني، وعاد إلى البلدية أقوى من السابق؛ وفي ظلّ الاهتمام الخاص الذي يوليه العميد المتقاعد شامل روكز لكسروان، كونه الثابت الوحيد انتخابياً فيما لم يكشف أي طرف أوراقه بعد.
حبيش واحد من الفعاليات الأساسية وتمكن من استمالة عدد من المفاتيح
يعتبر منسق التيار الوطني الحر في قضاء كسروان جيلبير سلامة أنه لا يُمكن المقارنة بين دورة 2009 وانتخابات 2017، «فقد كان النواب السابقون، والعهد والكنيسة، وأجهزة الاستخبارات، والمفاتيح الأساسية في البلدات، ضدّنا. وقفنا وحدنا في وجه الجميع». الظروف التي تبدلّت ستنعكس على نحو 16600 ناخب في جونية، «بعد أن عُطلّت أدوات التجييش السلبي تجاهنا». كما أنّ التيار العوني سيستفيد من وجود حبيش في رئاسة الاتحاد والبلدية، «لأنه من الفعاليات الأساسية في كسروان، وتمكن من استمالة عدد من المفاتيح الانتخابية الأساسية. وأهمية البلدية أنها تؤمن تواصلاً يومياً مع نحو 150 ألف نسمة يقطنون في جونية». وبمعزل عن شخص رئيس البلدية، بالنسبة إلى سلامة «الانتصار الذي حققه التيار في بلدية جونية سيصب حتماً لمصلحتنا». علماً أنّ في كسروان من يؤكد أنه لو لم يكن حبيش رئيس اللائحة، ولولا الجهد الذي وضعه من أجل المعركة، لما كان الربح ممكناً. والدليل على ذلك، الأرقام المتقاربة بين المرشحين الخاسرين والرابحين، وخرق لائحة حبيش بثلاثة أعضاء من اللائحة المدعومة من البون والخازن ورئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام والقوات اللبنانية. كما أنّ اثنين من مرشحي التيار الوطني الحر الستة سقطوا. «برأينا نحن انتصرنا»، يقول سلامة، مضيفاً بأنّ «التيار وحبيش قوتان أساسيتان تكاملتا في معركة استخدم فيها الطرف الثاني كلّ أدواته لضرب صورة العماد عون».
في كسروان رأيٌ آخر تعبّر عنه مصادر الحلف الخاسر في الانتخابات البلدية. من جهة، هناك تسليم بأنّ «رئيس الاتحاد الذي يملك بين يديه أموال القضاء والخدمات لديه تأثير مُعيّن». ولكن من جهة أخرى، «قناعات الناس السياسية لا أحد قادراً على تغييرها». يُمنّي هذا الفريق النفس، أولاً، بأنّ «موجة التسونامي حصلت مرّة واحدة في 2005. تراجعت الشعبية في دورة 2009، فكيف إذا لم يكن عون هو المُرشح وعدم وجود كوادر تُعوض الفرق؟». ثانياً، «فلنرَ السكاكين من تحت الطاولة بين الحلفاء الجدد (التيار والقوات)، إلى أين ستقودنا». أما السبب الثالث، فهو أنّ «حبيش يريد أن يكون له رأي في تشكيل اللائحة، وربما أن يكون شريكاً عبر ترشيح شقيقه. درجة الحشد ستختلف فيما لو كان مجرّد متفرج». بحسب المصادر نفسها، حبيش «ملتزم بشامل روكز حصراً ولن يكون معنياً بتسهيل وصول آل افرام إلى المجلس النيابي فيما لو كان أحدهم مرشحاً». وفي هذا الإطار، تتحدث المعلومات عن وساطة يُحاول روكز القيام بها لحلّ الخلاف بين افرام وحبيش، إلا أنّ الأخير لا يزال حتى الساعة يرفض لذلك. وبرز الثلاثاء الماضي الغداء الذي دعا إليه أحد المقربين من البون، عبدو دميان، في طبرجا وشارك فيه روكز وحبيش والبون وعدد من رؤساء البلديات والفعاليات الكسروانية.
ما يجمع بين مكتب «التيار» في كسروان ومبنى بلدية جونية، الانتشار الكثيف لصور عون بعد انتخابه. داخل مكتبه، وضع حبيش صورة لعون باللباس العسكري، تلقاها هدية. حدّد الرجل موقفه السياسي منذ فترة، «ولكن البلدية لا تتدخل في السياسة. الخدمات الإنمائية هي واجب تجاه أبناء المدينة وليست منّة من أحد». يوضح حبيش أنه معني بشخصين فقط: عون لأنه «بالسياسة إلو علينا كتير والدنيا أخذ وعطا». والثاني هو روكز، «هاتوا لنا خمسة مثله وسنتنازل عن دعمنا له». برأي حبيش أن العميد المتقاعد «مواطن جيّد جداً وخلفيته العسكرية تُشجع» على تأييده. يُذكر أنّ مكتب روكز في كسروان هو نفسه المركز الانتخابي الذي استخدمه حبيش في معركة البلدية، «هذا المكتب فأل خير»، يقول رئيس الاتحاد باسماً. أما في ما خصّ باقي لائحة تكتل التيار الوطني الحر، فيقول حبيش إنّ الأمر رهن القانون والتحالفات، «بعد في كتير اشيا مش واضحة».