«ليس لدى حزب الله خطة ديموغرافية لا في جبيل ولا في كسروان ولكن ظروف الحرب أبعدت الشيعة عن قراهم»، حاول أمين عام حزب الله حسن نصرالله أن ينفي وجود أيّ خطّة ديموغرافيّة لحزبه لا في جبيل ولا في كسروان، «لاسا» وأراضيها ووضع اليد على أراضيها لا يحتاج لبرهنة على نفس حزب الله الطويل في التمدّد ليس فقط لتغيير الديموغرافيا في بلاد جبيل بل لربطها بمناطق سيطرته في البقاع، تماماً مثلما استفاق العام الماضي أهالي غدراس الكسروانيّة على بناء «حسينيّة» قيل إنّها مصلّى!
تسليم مفتاح كسروان هديّة لأمين عام حزب الله جاء في توقيت خاطىء وفي لحظة إنتخابيّة حامية، صحيح أنّه اعتبر أنّ «ما قام به جوان حبيش بالأمس خطوة رمزية تعبر عن الإحترام ولأهالي جبيل وكسروان أقول إن مفتاح المنطقة يبقى بيد الرئيس عون وسيد بكركي»، ما حدث ليس خطوة رمزيّة أبداً، بل خطوة نُفّذت عن سابق تصوّر وتصميم وتضارب أقوال جوان حبيش خير دليل، من يشكّ في هذا التسلّل إلى كسروان المارونيّة ما عليه إلا أن يراجع كتاب الدكتور سعدون حمادة «تاريخ الشيعة في لبنان»، «صحصحوا» يا جماعة، نحن أمام تاريخ جديد بدأ يكتب للبنان تحت عنوان «الشيعة حكموا كلّ لبنان»!
أساساً، «التقيّة» ديدن حزب الله وشيعته، في مقدّمة كتابه «تاريخ التشيّع في لبنان» خلاصة القول «إنّ تاريخ لبنان كما هو معتمد ومتداول حالياً هو أقرب إلى الأسطورة التي تنسجها المخيّلات المستترة على هواها ومزاجها ـ وبالطبع الغمز هنا من قناة الموارنة ـ فإنّ واضعيه المعلومين والمجهولين تخيّلوا تاريخاً ينسجم مع ما يفضّلون ويرغبون وافترضوا أو أملوا لو أنّ تاريخ لبنان جرى كما يطمحون»، وذهب «المؤرخ الشيعي» أبعد من ذلك عندما سخر من هذا التاريخ مشبّها إياه [ص 12] بسيرة عنترة بن شدّاد والمرويّات التي حوّلته إلى «بطل أسطوري خارق يقوم بالمعجزات المستحيلة»(…) فاعتبر أنّه «قد يكون هناك بعض أوجه الشبه بين ما ذكرناه عن تاريخ عنترة وسيرته وما نراه، وبين تاريخ لبنان المفترض والموضوع ـ الموضوع تعني الكاذب ـ وتاريخه الحقيقي كما حصل فعلاً»!
تقيّة « الخطوة الرّمزية» هذه ستسقط في لحظة مؤاتية ـ على الأقلّ سلوك حزب الله خلال السنوات من العام 2005 وحتى الأمس يؤكد أنّه ترجم عمليّاً حتى اليوم كل مقولاته منذ العام 1986 ـ وفي تلك اللحظة المؤاتية لن يكتفي حزب الله فقط بالتمدّد في جبال الموارنة العاصية، بل سيضع تاريخ لبنان بنفسه وهو نفس التاريخ الذي تكرّس في كتاب سعدون حمادة «تاريخ التشيّع في لبنان»، بوضوح لا لبس فيه يقول صاحب الكتاب «كان الشيعة يسيطرون على لبنان كلّه قبل العهد العثماني بمدّة طويلة»!
جُلّ ما نتمنّاه أن يتوقّف الموارنة عموماً والكسروانيّين خصوصاً مليّاً أمام حادثة «مفتاح كسروان»، وأن يقرأوا جيّداً في كتاب «تاريخ التشيّع في لبنان» في الصفحة 181 «وضعت بعض المرويّات اللبنانيّة تاريخاً وهميّاً موغلاً في القدم لكسروان أخرجت منها آلاف المقاتلين الموارنة كما أسقطت منهم آلاف الشّهداء، في وقت من المشكوك فيه أنّ مارونيّاً واحداً عاش فيها، كما أنّها نسبت إلى أمير ربّما لم يوجد قطّ اسمه كسرى»!
«أيّ كلام أننا نريد إحداث تغيير ديموغرافي في اي منطقة لبنانية ظالم وتافه وتحريضي ولا يستند إلى أي دليل»، سيّد حسن أنظر حولك، تجربة المناطق السُنية والدرزيّة والمسيحيّة في الجنوب مع المال الإيراني دليل على كلّ هذه المحاولات المحمومة!