IMLebanon

مفتاح الرئاسة في جيب عون.. و«قفل» التشريع

يحمل العماد ميشال عون في يده «القفل والمفتاح». هنا تكمن قوة الرجل. كل ما يتخذه من خيارات، من داخل بيته البرتقالي وصولاً الى قصر بعبدا مروراً بالحكومة والبرلمان وما بينهما، ينبع من هذه القدرة. قدرة تنعكس على محيّاه في هذه الأيام «هدوء واطمئنان للتطورات والتحولات الكبرى»، على ما يلمس مقرّبون منه. يعرف «الجنرال» جيداً ماذا يريد وكيفية الحصول عليه. ومن يلتقيه حالياً ينقل عنه بأنه يراقب بدقة متناهية التغييرات في الميدان على الأرض من «صباحات لبنان» الى «ليالي فيينا».

لا يختلف اثنان على أن عون هو المعطّل الأول لحكومة تمام سلام. فهو يؤمن، بحسب عارفيه، أن «هيكل حكومة» أفضل من «حكومات داخل حكومة، كأن يختزل وزير من هنا وهناك الحكومة الجامعة بشخصه». وعليه «لا عودة الى عمل حكومي طبيعي من دون الالتزام باحترام القوانين من جهة واحترام إرادة كتلة وازنة داخل الحكومة». اتُهم عون بأنه لا يريد إلا «صهره» قائدا للجيش. واليوم يسأل: «حسنا. خرج شامل من المعادلة. لماذا لا يتم تعيين قائد جيش جديد؟ لماذا لا يصار الى السير ببقية التعيينات العسكرية؟ لا محاولات حتى وإنما التوجه مباشرة الى آفة التمديد».

على مقلب البرلمان، تستغرب أوساط مسيحية من اعتبار إدراج بند مشروع قانون استعادة الجنسية ضمن جدول أعمال الجلسة التشريعية الموعودة «انتصاراً» لبعض القوى المسيحية. فهي تلفت الانتباه الى «ذوبان المسيحيين في مجتمعات الدول التي يهاجرون اليها، وبالتالي فإنهم لن يُقبِلوا على التسجيل، سواء بوجود قانون أو بعدم وجوده. مشكلة هؤلاء ليست بالقانون بقدر ما هي بالشعور بالانتماء الى الدول التي تحتضنهم وتعاملهم كمواطنين أحرار. ومن كان منهم يريد التسجيل والعودة الى لبنان انما ينتمي الى الجيل الأول الذي رحل. واللافت أن الإقبال يأتي من الشيعة والسنّة تحديداً».

بصرف النظر عن لغة «الانتصارات»، فإن «مفتاح» جلسات برلمانية مثمرة أيضا في جيب عون. فإضافة الى مسألة استعادة الجنسية التي تتمسك بها القوى المسيحية، هناك قانون الانتخاب وهو بيت القصيد في كل مفاصل الأزمة الحاصلة. قانون الانتخاب مرهون بالطبخة الرئاسية. لكنه أيضا خاضع لتجاذبات القوى. فالأكثرية النيابية الحالية تقول إن من حقها أن تتمسك بالقانون الحالي طالما أنه يعطيها الأكثرية مقابل طلب الفرقاء الآخرين بالتوافق على قانون يؤمّن الشراكة والمناصفة والتمثيل الحقيقي وليس عبر وكلاء.

حدد نبيه بري موعد الجلسة التشريعية ولا إشارة الى بند قانون الانتخاب. يقول رئيس المجلس إنه لن يعرض على التصويت أي مشروع قبل اتفاق الجميع حوله. في الواقع، يخشى بري، بحسب متابعين، من تكتل يضم «المستقبل» و«الاشتراكي» و«الكتائب» و«القوات اللبنانية» التي تربط رأيها بحليفها الأزرق، أن يصوت على مشروع قانون من شأنه أن يحجّم قوى «8 آذار» في البرلمان. وفي الوقت نفسه، ينتظر عون من بري أن يحفظ ماء الوجه بينهما ويدرج بند قانون الانتخاب، ولو في أسفل الجدول، كون حزبين مسيحيين رئيسيين طلبا ذلك. ويتساءل هؤلاء: «تحت ضغط البنك الدولي نستعجل إدراج قوانين تسمح بالرقابة المستدامة من مؤسسات المجتمع الدولي، ولكن ألا يستأهل أيضا احترام المجتمع والشعب اللبناني مصدر السلطات إدراج دراسة قانون الانتخاب الذي يسمح بإعادة تكوين السلطة لما يؤسس لدولة قوية قادرة عادلة منبثقة من إرادة الشعب؟». ويتابعون: «إذا اعتمدنا الأولوية الزمنية فإن قانون الانتخاب مدرج قبل كل القوانين المطلوبة، واذا اعتمدنا المبادئ والقيم فإن الأولوية لاعادة تكوين السلطة انطلاقا من مفهوم الدستور».

في حرصه على المشاركة في الحوار، «يسلّف» عون رئيس المجلس الكثير. لا يؤمن بأي ثمار آتية، ولكنه لن يعتذر عن المشاركة أبداً. ففي قاموس «الجنرال»، الحوار جيد بكل الأحوال، فضلا عن أن طاولة الحوار، برأيه، ليست سلطة تنفيذية بقدر ما هي استشارية. المفارقة أن لا أحد لاحظ غياب سامي الجميل في الجلسة الأخيرة. في تلك الجلسة، عادت «أسطوانة» مواصفات الرئيس التي يعتبرها المقربون من عون «تفنيصة». يقولون: «بعد فشل الحوار بين عون والحريري حول الرئاسة، أدرك الجميع أن هذا الملف ليس بيد اللبنانيين. السعودية اليوم مكتفية برئيس للحكومة محسوب على خطها. لن يتغير شيء في الأفق إلا إذا تغيرت موازين القوى في المنطقة ككل.. وعلى وجه الخصوص في سوريا».