لا تنتظر كفرشوبا، التي تمسك بالعرقوب من أعاليه، الانتخابات البلدية والاختيارية لتطل من عليائها. يسبق صيت البلدة المقاومة التي كانت إحدى الساحات الرئيسية من أيام «فتح لاند» إلى عدوان تموز 2006، المعارك الانتخابية والحسابات الحزبية والتنافس العائلي. ومن دورها التاريخي تحفظ كفرشوبا خريطتها الحزبية والسياسية عامة، لتضيف إليها القواعد العائلية وحتى «الجبية»، ضمن العائلة الواحدة، في الاستحقاق البلدي.
وعليه، لا يمكن أن ينتظر المتابعون لشؤون كفرشوبا وشجونها لائحة توافقية تذهب بها بعيداً عن المنافسة المشروعة، لا بل المطلوبة في أي محطة ديموقراطية المطلوب منها أو المفروض أن تعكس هموم الناس الإنمائية وقضاياهم.
فشلت المساعي التوافقية التي سعت إليها جهات حزبية وعائلية لتقريب وجهات النظر بين المتنافسين الذين يتصدر قائمتهم رئيس البلدية الحالي الدكتور قاسم القادري، ونظيره الأسبق عزات القادري. لا بل على العكس، جهز الرجلان «عدة» المواجهة الأحد المقبل، تحضراً لمعركة لن تكون سهلة في ظل تقارب الأصوات المحتسبة والمتوقعة لكل منهما.
وتغرد البنية السياسية لكفرشوبا خارج انتمائها المذهبي في زمن الاصطفافات الحادة وفقاً لخانة الطائفة أو المذهب على إخراج القيد. بقيت البلدة التي ما بخل أهلها يوماً على المقاومين لإسرائيل المحتلة سواء في الأراضي اللبنانية نفسها من ضمن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا أو الأراضي الفلسطينية الحدودية، بقيت محافظة على تنوع يوم ارتدت مناطق أخرى لباس اللون السياسي الواحد. وفي قلب الانتخابات البلدية تأخذ العصبية العائلية مكاناً لها إلى جانب التوازنات الحزبية والسياسية، حتى أنها تلعب دوراً أساسياً في ترجيح الكفة لصالح هذه اللائحة او تلك، من دون أن تلغي دور القوى المتعددة والمتجذرة في البلدة. وعليه، تتلوّن الخارطة «الكفرشوبية» من الجماعة الإسلامية إلى تيار المستقبل فالحزب السوري القومي والتقدمي الاشتراكي ومنظمة العمل الشيوعي وسرايا المقاومة التي تتمتع بثقل أيضاً في نسيجها، في حين ما زال الجميع يحفظ لهيئة أبناء العرقوب دورها.
يبدو التعصب العائلي على أشده، فكلا المرشحين يتظلل بالعائلية أولاً، لتتوسّع بعدها الى الأحزاب ثانياً. في المقابل، يرفض المرشحون التحدّث عن لوائح حزبية، فالمرشح لرئاسة البلدية عزات القادري، يؤكد أنه مرشح العائلات أولاً مع تعاطف العديد من الأحزاب في الثامن من آذار بشكل أساسي. سعى إلى التوصل للائحة توافقية أو حتى تزكية بمشاركة ممثلين عن العائلات والاتجاهات كافة. يقول إنه حاول إبعاد كفرشوبا «التي تتغنى بتاريخها النضالي الطويل واحتضانها للعمل المقاوم منذ اغتصاب الكيان الصهيوني لفلسطين، وبتضحيات أهلها ودماء شهدائها، وهي المتربعة أبداً على قوس النصر، عن اية معارك جانبية انتخابية، من شأنها خلق حالة من النفور بين أبنائها». ويعتبر عزات القادري «المعركة فرضت علينا وسنخوضها مهما كانت النتائج، وليفز من يختاره أبناء بلدتنا بإرادتهم».
من جهته، يشير الرئيس الحالي للبلدية والمرشح لمرة ثانية الدكتور قاسم القادري، إلى أن همه «كان ولا زال التوصل الى وفاق بلدي، وحاولنا وعملنا له مع العديد من الجهات الفاعلة والعائلات، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وهذا شيء مؤسف لا نرغبه». ويرى قاسم القادري أنه «لم يعد امامنا سوى خوض معركة انتخابية عبر لائحة مكتملة، ليبقى قرار كفرشوبا وتوجّهاتها بيد أبنائها، من دون تبعية خارجية».
ويؤكد رئيس هيئة أبناء العرقوب الدكتور محمد حمدان، أن هم أبناء كفرشوبا كما كافة قرى العرقوب يتمثل بالتوصل الى لوائح وفاقية، ولتبقى العين متوجهة أبداً الى مزارعنا وتلالنا المحتلة». ولكن فشل التوجه التوافقي في ظل تباعد الأفكار، ورفض الحلول الوسط، عبر القول بتقاسم المرشحين في البلدة الرئاسة وجعلها مداورة لثلاث سنوات لكل منهما، يجعلنا نقف الى جانب الجهة التي لها باع طويل في الخدمة العامة ومواجهة العدو الصهيوني».
أما تيار المستقبل فلا زال على موقفه المعلن والقاضي بعدم التدخل في الاستحقاق البلدي وترك العائلات تختار من تراه مناسباً، وفق ما يؤكده منسقه في المنطقة عبد الله عبد الله، في أكثر من مناسبة، علماً أن لتيار المستقبل في قرى العرقوب عامة نفوذاً وحضوراً ترجيحيين. حضور ينسحب على العائلات ما يجعل التيار يأخذ قرار الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، تفرض حضوره وتغلغله في مختلف العائلات، والتي تتواجه في الانتخابات تبعا لمصالحها الخاصة. لكن يبدو أن التيار الأزرق سيسجل خرقاً لسياسة «النأي بالنفس» في كفرشوبا حيث يدعم مناصروه بشكل واضح لائحة الدكتور قاسم القادري، مع تمرير أصوات لعزات القادري لأسباب عائلية.
وفي خضم كل ذلك، يؤكد مسؤول الجماعة الإسلامية في العرقوب وسيم سويد، توجه الجماعة الإسلامية لدعم رئيس البلدية الحالي قاسم القادري في معركته، بعدما «فشلت المساعي الوفاقية التي حاولنا التوصل اليها، كما بسبب موقف مبدئي في دعم المرشح الذي سيبقى همه مصلحة بلدته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتصديه لتدخلات خارجية تحاول فرض أفكارها وتوجهاتها السياسية والعقائدية على ابنائها، وهذا ما نرفضه بتاتاً ونسعى لتقويضه».
يتجاوز عدد ناخبي كفرشوبا على لوائح الشطب الخمسة آلاف ناخب، يقترع من بينهم نحو 2300 صوت لاختيار 15 عضواً للمجلس البلدي وأربعة مخاتير وثمانية أعضاء لمجالس اختيارية.