مِن موقعه السياسي وبراعته التكنوقراطية، يَكتسب اللقاء مع وزير المال علي حسن خليل أهميّة وضع الإصبع على الجرح بكلّ ما يتعلّق بقضايا النقد والمال، وهو الوزير الذي يُمسك بالوزارة المفتاح.
يتَّصف خليل بالكثير من المزايا التي تجعل منه وزيراً في موقع دقيق، يقارب السياسة بلغة الاشارة، ويستوحي أفكار الرئيس نبيه برّي في القضايا الدقيقة، ولا يتردَّد في إطلاق المواقف، على إيقاع السقوف المضبوطة، فالمرحلة تقتضي الدقة واختيار الألفاظ بعناية.
يَبدأ خليل حديثه مع رابطة خريجي الإعلام برئاسة عامر مشموشي، بوصف الوضع الشاذ الذي تعيشه البلاد في ظلّ الفراغ الدستوري، فيقول إنّ ما يَجري هو عبارة عن تجربة غير مسبوقة حيث يوجد 24 وزيراً، يحتاج اتخاذ القرار في ما بينهم الى صيغ مختلفة، وهذا ما يُنتج أعلى درجات الفوضى الدستورية التي تؤدّي الى فوضى في إدارة الملفات السياسية.
بسؤاله عن تأجيل الرئيس برّي الجلسة التشريعية، يقول: التشريع حق دستوري كامل، هناك خلاف حوله مع حزب الكتائب، كما أنّ هناك خلافاً مع أحزاب أخرى على جدول اعمال الجلسة. ويضيف: نحتاج لجلسة تشريعية اليوم قبل الغد، وأنا أطالب الرئيس برّي بعقد هذه الجلسة لأنّ هناك قضايا لا يصحّ أن تتأخّر.
ويشير خليل إلى أنّ الرئيس برّي هو مَن اخترع فكرة الميثاقية ولم تفرض عليه، وتأجيله لعقد الجلسة كان فرصة لمكوّنات البلد لكي تُعيد النظر في مواقفها، لكن أكد برّي على حق المجلس بالتشريع.
عن قانون الانتخاب، يقول: ليس هناك وهم لدى أيّ كان بأنّ هناك فرصة اليوم لإنتاج قانون انتخاب، هذا أمر صعب لكنّه مسؤولية. خذ مثلاً الرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط، لقد اختلفا كلياً على طاولة الحوار حول القانون الذي اتّفقا عليه، من تقسيم الدوائر الى تقسيم المقاعد.
لقد بدا بوضوح أنه لا يوجد معيار موضوعي في هذا القانون الثلاثي. ويضيف: لقد قدمنا نحن مشروع قانون انتخاب فيه الحدّ الأدنى من العدالة والمعيار الواحد، لكن رغم ذلك أقول نحن جميعاً عاجزون عن إنتاج قانون انتخاب تأسيسي للبلد.
عن قانون الستين، يلفت خليل إلى أنّ البعض اعتبر أنّ هذا القانون أعاد الحق إلى أصحابه في العام 2009. نعم قانون الستين مصيبة وقبلنا به في الدوحة على مضَض لنُنقذ الاتفاق، وهو يشكل إعداماً للحياة السياسية في لبنان، ولا بدّ من النسبية سواءٌ على مستوى لبنان ككلّ، وإذا تعذّر ذلك على مستوى الدوائر الموسّعة.
أما عن الانتخابات الرئاسية، فيقول خليل: لينزل بعض الاطراف الى المجلس النيابي، «القوات اللبنانية» تتّهم «حزب الله» بالتعطيل، وهذا غير صحيح. لماذا لا تشارك كتلة العماد ميشال عون في الجلسة؟ لماذا لا يشارك الجميع؟
ويصف خليل علاقة الرئيس برّي بالعماد عون بأنها تنقصها الكيمياء الجيدة، مضيفاً: العلاقة الشخصية بين الرئيس برّي والعماد عون جيّدة، فالرئيس بري يحبّه ويرتاح له، وفي الموضوع الرئاسي ندعو كلّ طرف الى المشاركة في جلسة الانتخاب.
هل النائب سليمان فرنجية هو الأقرب لكم من العماد عون، يجيب خليل: نعم ليس سراً أنّ النائب فرنجية أقرب لنا سياسياً. لكنه يعود ويوضح أنّنا لا نقصد بكلمة أقرب، أننا قرّرنا أن نُصوّت له وليس لعون، فالقرار بالتصويت لأيّ مرشح يتخذ داخل الجلسة. (بما يعني أنّ الرئيس بري لن يكشف الآن عن مرشحه).
يرفض خليل خيار اعتماد نصاب النصف زائداً واحداً، ويقول: هذا خيار خارج النقاش وهو خيار غير دستوري، ونستذكر هنا البطريرك صفير الذي رفضه.
وبالنسبة الى موقع الرئاسة، يوضح: تبيَّن للجميع أنّ دور رئيس الجمهورية على رأس المؤسسات هو دور محوري، وكلّ ما قيل عن ضعف موقع الرئاسة غير دقيق.
يؤكّد خليل أنّ الوضع النقدي ثابت وسليم، أما الوضع المالي فهو مرتبط بالوضع السياسي، حيث لا يمكن تحقيق الاستقرار في الوضع المالي من دون الانتظام في عمل المؤسسات، لكنّنا لسنا امام انهيار دراماتيكي.
وفي ملف الموازنة، يُعلن: «أعددنا موازنة العامين الماضيين، وبدأنا بإعداد مشروع موازنة سنة 2017 وسنطلب في كتاب إلى الحكومة إدراجها على جدول الاعمال، لكن على ما يبدو فإنّ سرّ عدم إقرار الموازنات يشبه سرّ عدم انتخاب رئيس الجمهورية.
أما عن تجميد حسابات «حزب الله» بطلب أميركي، فيوضح خليل: صدرت المراسيم التطبيقية للقانون الاميركي، لكنّ مصرف لبنان لم يصدر أيّ تعميم. هذا الموضوع يستلزم نقاشاً مع المصرف المركزي والمصارف ليكون التعميم منسجماً مع مصلحة لبنان.