IMLebanon

خلوة بكركي… رسالة تأمّل وصلاة بنكهة سياسيّة 

 

 

لا يختلف اثنان على أن محاولة بكركي، التي بدأت منذ أشهر للدخول على خطّ الاستحقاق الرئاسي من بوابة توحيد الآراء بين النواب المسيحيين، على هدف إجراء الانتخابات الرئاسية وعدم إطالة أمد الشغور في قصر بعبدا، لن تصل إلى الغاية التي يريدها البطريرك بشارة الراعي ، الذي هدف من خلال الخلوة الروحية الأخيرة في بيت عنيا في حريصا، إلى جمع القوى المسيحية خلفَ موقف موحد، والتخفيف من مستوى الإنقسامات على الساحة المسيحية، والتي تنعكس بقوة مع كل استحقاقٍ رئاسي، إذ تجزم أوساط نيابية مسيحية بارزة، أن بكركي كانت وما زالت، تسعى إلى إحداث نوعٍ من التوافق .

 

وعن الخلاصات الأولية للخلوة المسيحية الروحية، فإن الأوساط النيابية نفسها، لا تخفي أنها لم ترتق إلى مستوى فتح باب الأمل على صعيد قنوات التواصل بين التيارات والأحزاب المسيحية، تمهيداً للوصول إلى مقاربة واحدة، مشيرةً إلى أن الخلافات تتفاقم، وبالتالي فإن الوضع بات أكثر تعقيداً في الآونة الأخيرة، في ضوء احتدام التراشق السياسي بين القوى المسيحية. ومن هنا، فإن البطريرك الراعي لن يوقف مساعيه ، وفق ما تؤكد الأوساط النيابية نفسها، انطلاقاً من القرار الثابت لديه بالتوصل إلى التوافق على رئيس للجمهورية كمدخل إلى الإنقاذ، ولكن في الوقت نفسه مع الحرص على البقاء في موقعٍ محايد، وعلى مسافة واحدة من كل الأطراف.

 

وبالتالي، فإن عنوان الخلوة والمخصّص للصلاة هو كالمقدمة، كما تُضيف الأوساط نفسها، للقاءات أخرى في المرحلة المقبلة، ولن تكون ربما أيضاً تحت عناوين روحية مماثلة، وخصوصاً أن الدور المحوري الذي تضطلع به بكركي، يدفعها إلى عدم توفير أي وسيلة أو مناسبة دينية أو غير دينية من أجل جمع القوى المسيحية، أولاً عبر لقاءات ثنائية بين البطريرك الراعي وممثلين عن الكتل النيابية المسيحية في الصرح البطريركي، وثانياً من خلال جولات راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان بونجم، وثالثاً من خلال خلوة الصلاة والتأمل في بيت عنيا في حريصا.

 

وعلى حد قول الأوساط نفسها، فإن الملف الرئاسي بقي غائباً عن الحوارات بين النواب، وبالتالي فإن طابع الصلاة قد غلب على الطابع السياسي في ضوء توجهٍ لدى البطريرك الراعي كما لدى النواب الذين شاركوا في الخلوة، على عدم الدخول في أي سجال سياسي رئاسي أو غير رئاسي، وإنما من المفيد وفق هذه الأوساط، أن يلتقي عدد كبير من النواب المسيحيين ومن كتل نيابية عديدة، على طاولة الصلاة برعاية بكركي، وهو ما يشكّل بحد ذاته رسالةً سياسية، خاصة في زمن الشغور الرئاسي والانسداد في كل المبادرات والمقاربات لإنتاج توافق حول انتخاب الرئيس العتيد. مع العلم أن ما يعزز هذه القناعة، يتمثل بالزيارتين اللتين قامت بهما سفيرتا الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا، وفرنسا آن غريو إلى بكركي قبل ساعات من الخلوة في بيت عنيا.