لبنان الغارق في أزمة النفايات يشهد فصولاً من ديَكة تصيح فوق المزابل. ويخشى أن يكون الاعتراض الذي يمارسه “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لمنع حل هذه الازمة بات مرتبطاً بما ستنتهي اليه مرحلة الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن. وعليه فإن الحزب لن يتخلى عن ورقة العماد ميشال عون، والأخير لا خيار لديه سوى دعم الحزب على رغم ان الحزب سيتخلى عن عون في اللحظة المناسبة كما فعل في الدوحة عام 2008. وعندما سألت صحيفة “الوفاق” الإيرانية نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: “يعني العماد عون هو الآن مرشحكم النهائي؟”، فأجاب: “في النهاية هذا اقتراح من الاقتراحات التي نحن لم نناقشها.
وفي سوريا، يقول مطلعون على الدور الروسي إن التعزيز المفاجىء للحضور العسكري الروسي يأتي في سياق استباقي للكرملين الذي وجد أن النفوذ الإيراني صار منذ توقيع الاتفاق النووي يغرّد لحسابه ولا يأخذ في الحسبان مصلحة روسيا. فقد سبق لموسكو أن نالت ضوءاً أخضر من واشنطن لترتيب حل للأزمة السورية فكان أن وُلد مسلسل مؤتمرات جنيف. لكن طهران التي يقود حساباتها الاقليمية المرشد خامنئي غير آبهة بالمقاربة الروسية لهذه الازمة، وخيارها النهائي هو الميليشيات التي أنشاتها إضافة لـ”حزب الله” لكي تحكم ما يتبقّى من سوريا في دائرة نفوذها. لذلك كان الكلام الروسي الآن عن دور الجيش السوري فقط ولا أثر لدور للميليشيات.
وفي اليمن، تجتاح طهران خامنئي سورة غضب أطاحت حتى الآن بالجنرال سليماني. فتحت عنوان “أسد في شتاء” كتبت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية: “لقد قدّم فيلق القدس (الذي يقوده سليماني) تقديراً سيّئاً جداً في اليمن” وفق مصدر في طهران الذي قال إن الفيلق “أكد للقائد الأعلى (خامنئي) أن السعودية لن تهاجم”. وخارج ما كتبته المجلة البريطانية تفيد معلومات أن سليماني كان وراء اندفاع الحوثيين الى الجنوب من أجل السيطرة على باب المندب الاستراتيجي لكن عاصفة الحزم التي قادتها السعودية بغطاء دولي أحبطت هذا الاندفاع وهي على وشك إنهاء النفوذ الإيراني في اليمن.
من الهزيمة في اليمن الى اهتزاز العراق في وجه طهران الى وحول فيتنام السورية بالتزامن مع مضيّ الاتفاق النووي الى التنفيذ صار واضحاً لماذا خرج الإمام خامنئي بالخطاب الاخير المتشدّد فاستذكر “الخطوة التاريخية للإمام الخميني في إعطاء لقب الشيطان الأكبر لأميركا…”.
وفي صدى لهذا التشدّد اندفع “حزب الله” في لبنان الى تنفيذ أمر عمليات بالقبض على مجرى الأحداث كما نشاهد حالياً في ملف النفايات. وفي المعلومات أن لقاء جمع أخيراً الامين العام السيد حسن نصرالله مع كوادر الحزب خاطب نصرالله الحضور حول تصاعد حركة الاحتجاج المدني قائلا: “لقد خرجنا سالمين”. باختصار: إمبراطورية خامنئي تحتضر بصوت عال.