Site icon IMLebanon

خامنئي «ينحر» حياد إيران.. من أجل الأسد

لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين وحسن روحاني في موسكو، هو التاسع لكنه الاهم والاخطر. في هذا اللقاء انتهى حياد الجمهورية الاسلامية في ايران، الذي وضع أسسه الامام الخميني في شعاره الشهير: «لا شرقية ولا غربية… جمهورية اسلامية». جواد ظريف وزير الخارجية الذي رافق روحاني أعلن ان «روسيا يمكنها استخدام منشآت دفاعية ايرانية للحرب على الإرهابيين في سوريا «. في البداية كانت قاعدة همدان. منذ الامس «كلما دعت الحاجة في سوريا يمكن لموسكو العمل من الاراضي الايرانية البعيدة برياً لكنها الفعالة جوياً. لا يحتاج الامرالى خبراء للقول ان ترجمة ذلك تواجد تقنيين روس في القواعد المحددة سلفاً للتحضير لأي غارة وعودة

الطائرات، لانه في مثل هذه الحالات، للوقت ثمنه وفعاليته، لذا لا يمكن انتظار الخبراء والتقنيين الى حين ترتيب الميدان، هذا دون الدخول في التفاصيل الأمنية وما تتطلّبه من تعاون روسي – إيراني مباشر وعلى مستويات عالية ودائمة، خصوصاً وان اللغة مختلفة بينهم. هذا الهبوط الايراني «الجوي» في الأحضان الروسية يبدو إجبارياً، لان فرضه جاء نتيجة للواقع المعقد والصعب جداً للصراع في سوريا مع كل امتداداته الخارجية بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الاميركية، من جهة، ومن جهة اخرى التمدد التركي شمالاً ويميناً بسبب محاولة الانقلاب ضد الرئيس رجب طيب اردوغان، ومصالحته مع موسكو الى درجة اقل مستوى من التحالف وأقوى مستوى من التعاون الشديد.

«الوباء السوري» أضعف الجميع، والجميع يبحث حالياً عن «علاج» للحدّ من خسائره. عندما تلجأ ايران الى موسكو، وتنتظر موسكو ماذا ستكون سياسة واشنطن نحوها، وعندما تتمهل انقرة لمعرفة الموقف النهائي الأميركي والروسي من الاكراد في سوريا، وتتابع الأطراف العربية ترددها بعد ان أحاطتهم إيران بأحزمة من النار، يعني انه لن يخرج احد رابحاً، لكن من الصعب جداً ان يُهزم احد نهائياً لان اضعف طرف يمكنه «تخريب» اي حل يُخرجه حتى إشعار آخر.. وحده الشعب السوري هو الخاسر الكبير لان الحرب لم تصل بعد الى الربع الساعة الاخيرة، ولأن اعادة بناء البشر ستتطلّب العمل على عدة اجيال، اما الحجر فيجب انتظار المال والتوافق بين الأطراف المعنية على حصصها منه.

الجديد على الصعيد السوري، ما عدا الرئيس بشار الاسد ومعه «الأسديون» لانه «يتنمّر» في كل مرة يحقق فيها بدماء الآخرين وطيران «القيصر» بعض التقدم، ظهور نوع من التواضع الذي يجعلها اكثر واقعية. من ذلك ان المعارضة لم تذهب بعيداً في تحويل المعارك الاخيرة الى عملية لاكتساح دمشق مع ان قوات المعارضة قاتلت في منطقة كراج العباسيين. تدرك هذه المعارضة اليوم ان المعارك رغم كلفتها العالية جداً هي لـ «تحسين موازين القوى تمهيداً للمفاوضات النهائية»، خصوصاً وأن الاسد اعتقد ان سقوط حلب هو الانتصار الكبير.

ليست المعارضة وحدها تريد تحسين مواقعها. التحالف الروسي – الايراني هو ايضاً يعمل لاستعادة مصادر القوة على طريقة «أعطِ وخذ». تبقى واشنطن، والسؤال الكبير ماذا تريد؟

مما يجري على الارض في سوريا والعراق، فإن البنتاغون هو الذي يرسم وينفّذ، حتى ولو استفاق ترامب احياناً ووضع وزارة الخارجية في وجه الجنرالات، مثل قول وزير الخارجية الأميركي «ان مصير الاسد يقرره السوريون «، اي ان تنحيته ليست شرطاً. المهم ان البنتاغون «يعمل على رسم سياسات كبرى حول منطقة الشرق الاوسط بعد التطورات الاخيرة»، وذلك عبر سوريا حالياً. بعد العراق حيث له ٦٠٠٠ آلاف جندي تقريباً اصبح له في سوريا ٢٠٠٠ جندي ويعمل لبناء قاعدتين لطائرات الهليكوبتر في الشمال السوري ويتابع توسيع قاعدته جنوب عين العرب التي تستقبل الآن الطائرات الضخمة، والتي يمكن تطويرها لاستقبال الطائرات الاستراتيجية خصوصاً اذا تمنّعت انقرة عن التعاون كالسابق. ويرى البعض ان الخطة الاميركية واضحة وهي الإمساك بالمفاعيل الاساسية في المنطقة وصولاً الى الإطلالة مباشرة على ايران، لهذا اندفع وزير الدفاع الايراني الجنرال دهقان للطلب من الاميركيين مغادرة المنطقة تماماً كما حصل من جهة العرب، وكانت النتيجة ما يعيشه العرب حالياً تحت سيف القلق والخوف معاً». ما يساعد واشنطن على الإسراع في عملية «التطويق» ان موسكو وصلت الى ملامسة حدود قوتها بعد ان فقدت عشرات الجنود ومئات المرتزقة الروس من العسكريين السابقين، في وقت لا تريد فيه الانزلاق نحو الغرق في المستنقع السوري، وبالتالي تكرار كارثة «الأفغنة».

قريباً، جنيف التي مثل سابقاتها وبعد ما سيلحقها، ليست اكثر من الرسم على الرمال. ما زال على الجميع الانتظار حتى يُعقد «الطائف السوري» ويولد الحل.