استطاع الثنائي «حركة أمل» و «حزب الله» من إدارة دفة تركيب اللوائح البلدية والاختيارية في قضاء مرجعيون وفق أهوائهما وتحالفاتهما، لكنهما لم يوفقا بتزكية أكثر من ثلات قرى هي بني حيان وبليدا والصوانة وفي عدد من المقاعد الاختيارية. ولم يوفقا كذلك في خلق توافق مع القوى اليسارية و «الشيوعيين» في أكثر من بلدة وقرية، لا سيما في الخيام والطيبة وحولا، إذ كان تفاوضهما مع هذه القوى من سقف عال ووفق شروط كان يحتمها أحياناً إرضاء فريقي التحالف بعضهما لبعض. وكانت «أمل» ترفض شروط الفريق الثالث وما يطلبه من مقاعد تقترب من الرئاسة أو نيابة الرئيس، يمكن أن تكون على حساب حصتها.
استقر المرشحون إلى بلدية على نحو 33 مرشحاً شكلوا نواة ثلاث لوائح: الأولى كاملة لتحالف «حركة أمل» و «حزب الله»، والثانية من 14 مرشحاً، من تحالف الحزب الشيوعي واليساريين وأصدقائهما تحت عنوان «اللقاء البلدي الديموقراطي»، والثالثة من ثلاثة مستقلين.
وترك تحالف الشيوعيين مقعداً حراً لخيار الناس، خصوصاً أن أحد المستقلين على اللائحة الثالثة هو نقيب المصورين الصحافيين عزيز طاهر، القريب من الحزب الشيوعي.
أما لماذا لم يتم التوافق؟ فيشير الطبيب عمران فوعاني إلى «أننا ذهبنا إلى التفاوض مع الثنائي برغم قرار الحزب الشيوعي عدم التحالف مع لوائح السلطة، إنما أردنا ذلك لتوحيد لائحة توافقية، ووافقوا على برنامجنا الانتخابي، لكن مع بدء تركيب اللائحة تعاطى الطرف الآخر معنا وفق المحاصصة، وهذا ما لا نرغب به. ثم اقترح علينا أن تكون الرئاسة بين حزب الله وحركة أمل مداورة كل ثلاث سنوات، وأن يكون نائب الرئيس من عندنا مدة ست سنوات، وأن يتمثل كل طرف بخمسة أعضاء فرفضنا وطرحنا المداورة بثلاثة لثلاث، أي سنتين لكل طرف وأن نكون شركاء في القرار، فرفضوا ورحنا إلى تشكيل لوائح ليختار الناس منها».
هذا الأمر لم ينفه «التحالف الثنائي» لاعتبارات عديدة، منها انتفاء إمكانية تزكية البلدية لبقاء بعض المرشحين المستقلين، ما يشكل خطراً على تقاسم النفوذ، وأن مدة السنتين غير كافية لتفعيل الإنماء والخدمات، وعدم تفريط فريقي التحالف بحصص بعضهما البعض.
الطيبة معتادة على الخرق
خرق الطبيبان اليساريان مشهور نحلة وأحمد مرمر لائحة التحالف البلدية في الطيبة على مدى دورتين متتاليتين. يعتمد الرجلان على ثقة أبناء الطيبة بهما، ليشكلا الصوت المعارض داخل البلدية.
وثمة صوت آخر خرق لمرتين ولم يوفق في ثالثة، للمربي محمد حبيش الذي عزف هذه «الدورة» عن الترشح. ففي الانتخابات «الاستثنائية» التي جرت في العام 2001 لنصف دورة، خرق حبيش التحالف ليمثل المستقلين في المجلس. ثم خرق مع مرمر ونحلة التحالف في انتخابات 2010 وبأصوات لافتة.
لم يمانع الشيوعيون التحاور مع «لائحة التحالف» في الطيبة، وإن كانت لديهم قناعة مسبقة من أن منافسيهم لن يوافقوا «على عادتهم في المرات السابقة» على التمثيل الذي يسعى إليه يساريو البلدة وحلفاؤهم المستقلون، و «هكذا جرى». طرح اليساريون تمثيلاً في المجلس من ثلاثة أعضاء ومختار واحد، فجاء الجواب بعدم الموافقة. فذهب الشيوعيون وحلفاؤهم من يساريين ومستقلين إلى تشكيل لائحة غير مكتملة، من نصف عدد المجلس البلدي، أي من تسعة مرشحين، بينهم الطبيبان نحلة ومرمر تحت عنوان «الطيبة بتجمعنا».
لا يخشى «حزب الله» على ممثليه في انتخابات الطيبة، ويعترف بأن لنحلة ومرمر «مكانتهما في الطيبة واحتضانا جماهيريا، ويقدمان خدمات ويفتحان بيتيهما طوال السنة لمعالجة الأهالي» لكن الخرق يحدث دائماً في حصة شريكه «حركة أمل»، لذلك رفع هذه السنة من سقف شروطه وراح نحو ما يسمى بـ «اللعبة الديموقراطية»، و «ليعطِ الناخب من يريده أو يمثله». مع احتساب أن يكون جميع المختارين من حصته، وهذا أمر يشتغل عليه الحزب في معظم البلدات الجنوبية.
تركت لائحة «الطيبة بتجمعنا» تسعة مقاعد من أصل 18 مقعداً خالية «ليختار الأهالي من يريدون، لا سيما أن ثلاثة مستقلين ما زالوا مرشحين في لائحة ثالثة، كما قد يرغب مناصرون لنا في اختيار أعضاء من هنا وهناك» يقول الطبيب مرمر.
ولم تسمِّ اللائحة إلاّ مختاراً واحداً «نحن سعينا دائماً لتكون الطيبة أكثر انفتاحاً وتطوراً، ونقوم بما يمليه علينا ضميرنا، والثقة التي منحتنا إياها أصوات الناس. وبالنسبة لنا الربح هو للطيبة وأهلها» يضيف مرمر.
الخيام: لا للفوقية
وفي الخيام أيضاً تنطح اليساريون وعدد من المستقلين إلى مواجهة لائحة التحالف بين «حزب الله» وحركة أمل. هذا التحالف الذي خاض معركة «شرسة» في الانتخابات الأولى بعد التحرير في سنة 2000 ضدّ «بعضه»، إذ تمكن تحالف «حزب الله» مع اليساريين والمستقلين والعائلات، من اكتساح لائحة «الحركة».
لم يوجه اليساريون وحلفاؤهم «طعنة» لحليفهم رئيس البلدية المهندس عباس عواضة المنتظم في صفوف الحزب، بل تكاتفوا وتكافلوا معه في أكثر من موقف، بعدما وصل التناكف بينه وبين «إخوة» الصف الواحد إلى ابتعاده عن البلدية أشهرا عدة، خرجت على أثرها لافتات في البلدة لتتضامن مع الرئيس المبعد.
توقع اليساريون والمستقلون أن تفيد «العلاقة الطيبة التي كانت لنا مع المصلحة العامة للخيام في تغيير طريقة التعاطي من التعالي إلى الندّ، لكن مع أول استحقاق انتخابي، عاد المنحى نفسه يتحكم بمجرى الأمور واقتصار تمثيل اليساريين والمستقلين بثلاثة أعضاء من أصل 21 عضواً»، كما يقول عضو المجلس البلدي المهندس جهاد الشيخ علي.
تحت عنوان «الخيام مدينتي» تألفت لائحة اليساريين والمستقلين من 10 مرشحين فقط، بينهم السيدة صباح أبو عباس، ومن المتوقع أن تعقد اللائحة مؤتمراً صحافياً عند السادسة من مساء اليوم للإعلان عن أعضائها وبرنامجها الانتخابي، وسط إصرار لدى أعضاء اللائحة على أنهم مستقلون ولا يمثلون أي جهة حزبية، فيما بقي أربعة مرشحين خارج اللائحتين، «بعدما جرت ضغوط لسحب ستة مرشحين، وإصرارهم على تسمية المرشحين المستقلين من قبل تحالف الحزب والحركة».
هذا الترشح خارج لائحة التوافق أبعد «التزكية» عن بلدية الخيام، على نحو ما جرى في الانتخابات البلدية السابقة، ويشير سعيد الضاوي إلى أننا تفاوضنا تحت ثلاثة عناوين: ألا يكون لأية جهة أكثرية مطلقة في اللائحة التوافقية، عدم الاعتراض على وجود سيدات فيها، والاتفاق على عدد المقاعد المخصصة لهم بطريقة عادلة ومنصفة، ومع ذلك وصلنا إلى طريق مسدود».
واستبدلت لائحة التحالف ترشيح الرئيس عواضة ونائبه المهندس محمد العبدالله، بالمرشحين الطبيب علي إسماعيل العبدالله والحاج نايف خريس (من الحزب)، على أساس المداورة ثلاث سنوات لكل منهما.