على وقع الهزات التي تضرب بلدان الجوار الاقليمي راسمة ملامح جديدة لمستقبلها ومسارها، عادت الزوابع الحياتية والخدماتية، التي لا تخلو حساباتها من بعض السياسات الضيقة، الى الواجهة، في ظل المناخ السياسي العالق في عنق زجاجة التعطيل، من الرئاسة في بعبدا الى هيئة ساحة النجمة العامة مرورا بعرقلات السراي، فيما فشلت كل الطاولات حتى الساعة من ثنائية وجماعية في تحقيق خرق الحد الادنى، يُمكن البناء عليها لمد جسور التواصل بين مختلف القوى السياسية، للحفاظ على ما يعمل عاملا، وسط المخاوف من انفجار الوضع على خلفية التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.
على هذا المنوال تمضي ايام الترقب والحذر سياسيا اقتصاديا واجتماعيا، بانتظار جولات حوارية وانتخابية جديدة، من جهة، وانتهاء عطل المسؤولين الصيفية التي اختار كثيرون قضاءها في الخارج بحسب مصادر متابعة، لن يقطعها سوى خطاب النصر العاشر للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من بنت جبيل عصر اليوم تحت عنوان «زمن الانتصارات»، بمناسبة ذكرى حرب تموز، والذي رشح ان محوريها الاساسيين سيكونان الوضع على الجبهة الجنوبية مع اسرائيل، والوضع على الساحة السورية والمعارك الدائرة حاليا، على ان يلحقها كلمة لرئيس مجلس النواب في المهرجان الذي تقيمه حركة «امل» عصر الاربعاء 31 الجاري في مدينة صور – ساحة القسم في ذكرى تغييب السيد موسى الصدر ورفيقيه، والتي ستكون تكرارا لما درج على التنبيه والتحذير منه من مخطار متربصة بالبلاد على المستويات السياسية والاقتصادية والامنية في حال عدم تدارك طاولة الحوار التداعيات، ومبادرة الاطراف السياسية الى كسر الجمود القاتل.
وتضيف المصادر ان «الاستاذ» سيؤكد على ان انتخاب رئيس البلاد اكثر من ضروري وملح لكن لن يحل وحده المشكلات القائمة وغير الناجمة عن الشغور في الموقع الرئاسي بل هي في معظمها نتيجة التباعد والانقسام العمودي القائمين، مشددا على ان الجميع محكومون بالاتفاق والتضامن لمواجهة تداعيات المنطقة، وان الحوار هو الطريق المؤدي الى ذلك، مهما قصر الزمن او طال، خصوصا ان الاخير تبلغ من وزير المال علي حسن خليل عدم القدرة على تأمين الرواتب والاجور بعد تشرين الاول على القاعدة الاثني عشرية وان توفير المبالغ يستوجب موازنة وقانونا وتاليا جلسة عامة والا فليتحمل كل مسؤولياته في هذا الاطار وينسحب ذلك على الصعيدين الامني والوزاري حيث الحركات والتنظيمات التكفيرية النائمة متوقع تحركها في اي وقت كما الوضع الحكومي المترنح والمتوقع بدوره انفراط عقده مع كل جلسة بفعل السجالات الحادة والتباعد بين الوزراء.
وتكشف المصادر على هذا الصعيد، عن حرص بري على بث الأجواء الايجابية من أجل حثّ وحضّ جميع الأطراف على التوافق وصولاً الى نقاط مشتركة استباقا للمرحلة الخطيرة والمجهولة المقبلة، متحدثة عن تكثيّف الاتصالات من أجل فتح ثغرة ما أمام جلسة الحوار في 5 أيلول المقبل، خاصة وأنه كلما تقدّم الوقت كلما باتت المهل داهمة، «فإذا لم يكتمل المجلس العتيد بإنتخاب رئيسه وهيئة مكتبه، فإن الحكومة لا تتحوّل فقط الى تصريف الأعمال بل تصبح وكأنها غير موجودة، ووضع كهذا يعني أن كل المؤسسات يتحكّم بها الفراغ التام. لذا الأرضية الصالحة والصلبة تكون بإنتخاب رئيس الجمهورية»، ما يضع البلد أمام تعقيدات لا تُحمد عقباها، موضحة ان مروحة مشاورات اطلقت على أكثر من مستوى هدفها الدفع باتجاه جعل حوار ايلول مثمرا، على الاقل لجهة تزويد كل طرف رئيس المجلس بالأسماء المقترحة من أجل تأليف لجنة مجلس الشيوخ، على ان لا يتجاوز عدد اعضائها الـ30 ممثلة العائلات الروحية والمناطق، لوضع مهلة زمنية وتحديد الإصلاحات، باعتبار ذلك ممراً يسهّل الوصول الى قانون للإنتخابات النيابية عصري ومتطوّر ويعتمد على النسبية، انطلاقا من نص المادة 22 من الدستور.
رؤية «تتناقض» مع «تنبؤات» التيار الازرق الحوارية، الذي تستبعد مصادره ان تشهد جلسة 5 ايلول اي تطوّر في زمن الـ«مكانك راوح»، مع ارتباط ازمات الداخل بتطورات الوضع الاقليمي، معتبرة ان خروج مناقشات طاولة الحوار عن جدول اعمالها التقليدي المتضمّن بندين: ازمة رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، يؤشّر الى انها لن تتقدّم خطوات الى الامام ولن تعالج الازمة المُستفحلة، خصوصاً ان ثمة من يجاهر علنا برغبته في تغيير الدستور وتعديل اتفاق الطائف لاجراء انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب، مذكّرة بمداخلة الوزير جبران باسيل في جلسات الحوار الثلاثية، حيث اكد الاستمرار بتعطيل نصاب انتخاب رئيس الجمهورية الى حين القبول بخيارنا الرئاسي، ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الذي وافقه على ذلك.