يستطيع المشهد اللبناني الانتظار، سيكون مشهداً طويلاً ومكرّراً أيضاً ومملّاً كالعادة، يعود شباط حاملاً معه لحظة قلبت مصير المنطقة العربيّة رأساً على عقب وأدخلتها في حروب مدمّرة متتالية، مجيء الخميني إلى طهران حول إيران إلى شيطان يُزلزل المنطقة، منذ أربعة عقود، منذ العام 1979 نفّذت الولايات المتحدة الأميركيّة أكبر مؤامرة على العالم العربي عبر الخميني ونظامه، وما من خفيّ إلا وسيكشف التاريخ أوراقه، فالإمبراطوريّات لا تدوم، والأيام دُوَل.
بصرف النّظر عن الخميني «الهندي» ـ كما كتب اسمه بيده في مخطوط «شرح دعاء السَّحَر» «مصطفى الخميني الهندي» ـ كشخص، ثمّة مقولة متداولة تقول «لقد أسس العالم الغربي الجمهورية الإسلامية في فرنسا بشكل غير رسمي»، في العام الماضي صدر كتاب «الخميني في فرنسا» الأكاذيب الكبرى والحقائق الموثقة حول قصة حياته وحادثة الثورة، للكاتب الأكاديمي (تأليف د.هوشنك نهاوندي)، والكتاب يستحقّ القراءة والتوقّف عند الكثير من التفاصيل التي وردت فيه، يحقّ للقارىء أن يطّلع على بعد ما ورد فيه، ومن الكثير مما ورد فيه أنّه في مذكراته كتب مدير وكالة الإستخبارات الفرنسية الكونت الكسنادرو دي مارنش «أرسلت حكومة كارتر الجنرال هايزر إلى إيران، لتنفيذ سياستها الحمقاء بتغيير نظام الشاه، حيث قابل المسؤولين العسكريين وأوضح لهم أن القوات المسلحة الإيرانية هى الأفضل والأقوى تجهيزاً في المنطقة، وهم يتسلمون عتادهم من أميركا، فإن أراد الجيش إبداء رد فعل في مواجهة الخميني فلن يزوّد بعدها بقطعة واحدة من قطع الغيار، وعلى هذا النحو أجلس الأميركيون الخميني على كرسي السلطة، وقادوا الثورة إلى النصر»!
ثمّة الكثير مما يستوقفك في فائض المعلومات التي يقدّمها الكتاب، بدأ الخلاف بين الخميني والشاه أواخر الستينات إلى خروجه من طهران إلى تركيا فالعراق ففرنسا، «باعتباره إيرانيّاً، دخل الخميني إلى فرنسا بجواز سفره، مع إقامة لمدة ثلاثة أشهر، إلا أنه وبعد انتهاء الثلاًثة شهور، فإنه استمر في إقامته دون استخلاص أي أوراق إقامة، كما أنه لم يحصل على اللجوء، وكان كل ذلك تحت أعين الحكومة الفرنسية التي وافقت على ذلك».
«يقول الصحافي الفرنسي «باراف دويلمار» الذي كان أول صحافي التقى بالخميني، إنهع استطاع أن يرى في أحد غرف منزل الخميني العديد من هوائيات الاتصال، والعديد من الأفراد الذين يجرون اتصالات عدة (…) أصبح مقر الخميني في نوفل لوشاتو محط أنظار ووجهة كل الصحافيين حول العالم، بل والسياسيين والداعمين، سواء من فلسطين أو سوريا أو ليبيا، أو الولايات المتحدة… فبمجرد استقراره في نوفل لوشاتو، كان للخميني لقاء مطوّل مع الرائد صلاح الدين المبعوث الخاص للعقيد القذافي، ومفاوضات مع فاروق القدومي رئيس العلاقات الدولية في منظمة التحرير، ووقعت اتفاقية لتبادل المراسلات بين الخميني والمنظمة، وتولت الجبهة الديموقراطية الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة نايف حواتمة، والجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش جزءًا من الأعمال التنظيمية والفنية وإرسال الأشرطة التي سجلها الخميني إلى إيران»…
العلاقة بين أميركا والخميني ودورها في حمايته لسنوات ورعاية عودته التقى رمزي كلارك وزير العدل الأميركي الأسبق والشخصية البارزة في الحزب الديموقراطي بالخميني مرتين في فرنسا. وكان أصحاب المناصب في المخابرات يلتقون بالخميني أيضاً، فقد كان آرثر هارتمان سفير في فرنسا يرسل وولتز زيمزمان أحد مستشاريه المقربين لملًاقاة الخميني باستمرار، والذي كان ينقل الرسائل بين واشنطن والخميني.
فى الأول من فبراير 1979 هبط الخمينى على سلم طائرة بوينغ 747 التابعة للخطوط الفرنسية فى مطار «مهر اباد» الدولي، وكان يتكىء على كتف شاب يضع شارات سوداء ويرتدي زي الخطوط الفرنسية، بعد ثلًاثين عاماً تم الإعلًان أن هذا الشاب الذي كان كبير مضيفي الطائرة كان في الحقيقة في مهمة للًاستخبارات الفرنسية لحماية الخميني!»