Site icon IMLebanon

كيم الثالث يكمل اللعب بين الكبار

كان كيم ايل سونغ يعيش في موسكو حين اختاره ستالين لقيادة الحزب الشيوعي الكوري وخوض الحرب في شبه الجزيرة الكورية. وهي حرب أدارها الاتحاد السوفياتي وشاركت فيها الصين مباشرة ضد اميركا وحلفائها في أواسط القرن الماضي. ولم تكن سوى بداية الفصل الحار في كتاب الحرب الباردة والصراع بين الجبارين. اذ قادت الى هدنة وقوات دولية في منطقة منزوعة السلاح بين كوريتين: شمالية ثورية ضمن المعسكر الاشتراكي وجنوبية تحميها اميركا.

لكن الحرب الكورية استمرت بأشكال متعددة، وان في ظروف متغيرة. اميركا ربحت الحرب الباردة ومارست الاحادية القطبية قبل أن تتعب وتسلم بعودة التعددية القطبية. الصين في صعود اقتصادي وعسكري وسياسي. وروسيا، بالنسر القيصري المزدوج الرأس، خرجت من رماد الاتحاد السوفياتي وفرضت الشراكة على اميركا. كيم الأول كان تهديدا لكوريا الجنوبية وبالتالي لأميركا. كيم الثاني نجله كيم جونغ ايل استمر في سياسة التهديد وبناء القدرة النووية لضمان الحفاظ على النظام، ثم توصل الى تفاهم مع واشنطن خلال رئاسة بيل كلينتون حصل بموجبه على مساعدات اميركية مقابل تجميد النشاط النووي. وكيم الثالث الحفيد كيم جونغ اون انتقل من تحدي واشنطن وسول الى تحدي العالم كله بالاستمرار في التجارب الصاروخية والنووية خلافا لقرارات مجلس الامن.  

التجربة الاخيرة لقنبلة هيدروجينية دفعت كل العواصم بما فيها بيجينغ وموسكو الى الشجب. ومصير العالم بدا متوقفا على ضغط الزر النووي بقرارات شخصين لا احد يستطيع التنبؤ بما يفعلان: الرئيس دونالد ترامب وكيم الثالث. والمفارقة ان في اميركا من يقول ان الذي يمكن ان يضغط الزر هو ترامب.

ترامب يعرف انه ليس هناك خيار عسكري. وكيم الثالث يعرف ان اي استخدام للقنبلة الهيدروجينية ضد اميركا سيقود الى محو لكوريا الشمالية. وما يريده بعدما ضمن الحفاظ على النظام هو التسليم بعضويته في النادي النووي والحصول على مساعدات اقتصادية. وما سيتعرض له هو المزيد من العقوبات الاقتصادية والعسكرية والسياسية. لكن الباب مفتوح لمخرج سياسي تقترحه روسيا والصين تحت عنوان التجميد المتبادل.

قبل اسابيع طغى موضوع بيونغ يانغ على النقاشات الامنية السنوية في معهد اسبن الاميركي. وكان هناك رهان على معجزة اسمها تحديث النظام الكوني اذا تمكنت اميركا والصين من ايجاد حل سلمي لازمة كوريا النووية.

 

واللعبة لم تعد محصورة في اطار الانتقال من الحرب الباردة الاولى الى الطبعة الجديدة من الحرب الباردة.