أظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكثير من الخفّة والإسفاف في ردّه عبر تويتر على القاضي الفدرالي الذي أصدر حكما بتعليق العمل موقتا بالأمر التنفيذي المتعلق بالهجرة من سبع دول اسلامية. تهجّم ترامب على القاضي بأسلوب سوقي لا يحترم هيبة الرئاسة ولا حرمة القضاء. وبينما حاول ترامب تحقير القاضي شخصيا، جاء ردّ وزارة العدل المدافع عن قرار الرئيس أكثر رقيا، عندما اقتصر الرد على القول ان الحكم شديد العمومية، ولم يتجاوز ذلك الى القاضي نفسه… قد يكون من المقبول أن يتهاتر رئيس الدولة الأعظم مع رئيس دولة عظمى أخرى أو غيره، ولكن ليس مع موظف في ادارته أيا كان هذا الموظف من الأهمية…
لعل أقذع توصيف للرئيس ترامب صدر عن ناشيونال أنترست حتى قبل اندلاع أزمة الهجرة الحالية، ومما جاء فيه: ان رجلا المقصود ترامب يثبت تورطّه في هذه التصرفات المشينة والمتهورة، ويتبين انه على هذه الدرجة من الغباء وانعدام المسؤولية، لا يمكن أبدا تعيينه في منصب بوّاب، أو عامل تنظيف يمسح الزجاج في أي حكومة في أي بلد في العالم! وهذا يعني أن الرئيس ترامب لم يترك للرأي العام الداخلي والخارجي أي مجال ل الالتباس الخلاّق حول عهده أو حول شخصيته، أقلّه مع بدء ولايته. وما فعله يشبه ظهور الملك على المسرح في المشهد الأول من الفصل الأول… عاريا بالكامل!
يحق اليوم لكل مواطن أميركي، ولكل مواطن في العالم، أن يتساءل عن مقدار التوازن والحكمة في شخصية ترامب وسلوكه وتصرفاته، وان يشعر بالقلق تاليا على أمنه واستقراره. ذلك أن رئيس الدولة الأعظم في العالم قادر على إلحاق الأذى الخطير في الداخل والخارج على السواء، نتيجة قرارات متسرّعة وغير محسوبة النتائج، لا سيما في النزاعات الخارجية، وهو القائد الذي يملك الشيفرة النووية، والقادر على كبس الزرّ في لحظة نزق! غير أن الولايات المتحدة الأميركية لحسن الحظ، ليست جمهورية من جمهوريات الموز، وعندما تظهر امارات الهستيريا والجنون على الرئيس، فانها تحجر عليه قبل تدمير بلده أو جزء ما من العالم!
مع ذلك، فان الجزء الأخطر من سلوك الرئيس ترامب لا يتعلق بحملته العنصرية والايديولوجية على ما يصرّ على تسميته ب الارهاب الاسلامي، وانما يتناول اشارات تحمل في طيّاتها نذير انفجار في الشرق الأوسط، لا سابق له منذ الحرب العالمية الثانية… ومن دلائله الحملة المتسرّعة التي تندرج في اطار مؤامرة صهيونية لاشعال حرب جديدة في المنطقة لتدمير آخر معاقل القوة فيها، وبخاصة في دول الخليج العربية وايران معا… وللحديث صلة.