توجه الامير محمد بن سلمان مع بداية انطلاقة مرحلة التحولات الإسترتيجية السعودية في 2015 الى القاهرة ممثلاً الملك سلمان بن عبد العزيز للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي وتوقيع (إعلان القاهرة ) بعد ان كانت مصر قد استعادت استقرارها ودورها العربي وانتظام مجتمعها على قاعدة الجيش حامي الدولة المدنية بعد 30-6-2013، وجاء توقيع إعلان القاهرة بعد إعلان البغدادي الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا والعراق في 29-6-2014، وأكد إعلان القاهرة على اهمية تجديد العمل العربي المشترك وإعادة ترتيب الأولويات العربية وفي مقدمتها الأمن القومي العربي وبناء القوة العربية المشتركة وبلورة إرادة عربية جديدة في مواجهة التحديات والتحولات الإقليمية والدولية.
أولى ثمار إعلان القاهرة كانت القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض2017بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورؤساء 55 دولة، وكانت القمة بمثابة إنهاء لمرحلة الخصومة الأميركية العربية الاسلامية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 واحتلال العراق وإطلاق استراتيجية الفوضى الخلاقة، وشكّل اعلان القاهرة ايضا النواة الصلبة لقيام التحالف العربي الدولي لمحاربة داعش في العراق وقاطرة استراتيجية لمواجهة التحديات والانهيارات التي تهدد وحدة المجتمعات العربية ودولها وحدودها في العراق وسوريا واليمن وليبيا والملاحة في مياه الخليج والبحر الأحمر.
تحمّل لبنان منفرداً الآثار السلبية لتلك التحولات والاستقطابات والنزاعات والنزوح السوري ومحاربة الإرهاب والتموضعات الإقليمية وارتداداتها على أرضه ومجتمعه واقتصاده وماليته العامة، وصولا الى ما يعانيه اللبنانيون الآن من آثار موجعة لتلك النزاعات والمواجهات والتداعيات التي اجتاحت المنطقة، بالاضافة الى التموضع الرئاسي الايراني والتركي في المنطقة والانخراط في نزاعاتها مع الطموحات الاستراتيجية في منظومة دول جنوب غرب آسيا، في حين لا يزال لبنان يتحمل تراكمات النزاع الطويل مع العدو الاسرئيلي وحروبه واحتلالاته وتهديداته المستمرة بالعدوان على لبنان.
تفاءل معظم اللبنانيين بإعلان الرئيس السيسي عن مبادرته الليبية واعتبارها قضية أمن قومي مصري وعربي وضرورة وقف العبث في مصير ليبيا وشعبها العربي، وتفاءلوا أيضا بالتأييد السعودي للإعلان المصري عن الأمن المائي مع إثيوبيا والأمن الاقتصادي في شرق المتوسط وبالتكامل المصري السعودي حول الامن الاجتماعي لدول البحر الأحمر، وكما شعر معظم اللبنانيين بالكثير من الثقة والامل مع إعلان الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بوقوف المملكة العربية السعودية الى جانب الشعب العراقي في مواجهة تحديات الأمن الاقتصادي الاجتماعي ودعم حكومة الكاظمي بأربعة مليارات دولار وتأمين الكهرباء للعراقيين بأسعار متدنية.
اجتماعات السفير السعودي وليد البخاري الاخيرة والملفتة وتحركات السفير المصري ياسر علوي المكثفة جاءت لتحرك الوجدان والحنين لدى معظم اللبنانيين الى ازمنة الاهتمام العربي المميز بلبنان على مدى عقود طوال من خلال الرعاية المباشرة من الملوك والرؤساء والامراء العرب ورؤساء الدول الصديقة، الرئيس عبد الناصر، الرئيس ديغول، الملك فيصل، وكل أمراء الكويت، وقمة الرياض الملك خالد، الرئيس السادات، الرئيس حافظ الأسد، وقمة تونس والرئيس صدام حسين والرئيس ميتران وقمة الرباط والملك الحسن الثاني والرئيس الشاذلي بن جديد، والملك فهد والرئيس شيراك والملك عبدالله والملك سلمان والذين أبدوا حرصهم الدائم على عدم ترك لبنان وشعبه يتحملون تبعات الصرعات العربية والإقليمية والدولية في المنطقة وانعكاساتها المدمرة على لبنان الدولة والشعب والكيان، مما جعل معظم اللبنانيين يتطلعون الى استعادة لبنان لدوره ومكانته لدى الملوك والرؤساء والامراء من الاشقاء والاصدقاء، وغالبية اللبنانيين الآن يشعرون بالإبادة الجماعية وبتخلي الاشقاء والاصدقاء في ظروف شديدة الخطورة والقسوة والغالبية العظمى منهم بانتظار الدعوة الى قمة بين الملك سلمان والرئيس السيسي من اجل لبنان قبل فوات الأوان.