إن الاستقرار في أية دولة، سواء أكان هذا الاستقرار سياسياً أم اقتصادياً أم امنياً، فإنه يُشكّل دلالة قوية على قوة ومكانة هذه الدولة.
منذ أيام رحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ومن ثم شهد العالم بترقب شديد كيفية انتقال السلطة السلس والهادئ إلى خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
وهذا الانتقال الهادئ للسلطة يعود لسببين رئيسيين:
اولهما: المكانة التي يتمتع بها الملك سلمان في المملكة على الصعيدين الرسمي والشعبي، فهو إلى جانب كونه كان ولياً للعهد، إلا انه يتمتع بثقة كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فهو قريب من شعبه، ويتخذ من سياسة «الابواب المفتوحة» امام المواطنين نهجاً راسخاً لا يحيد عنه منذ عشرات السنين، أي منذ بدء إيكاله مهام رسمية في السلطة، وهذا نهج ثابت لدى جميع قيادات المملكة، فالراحل الكبير الملك عبد الله بن عبد العزيز كان على ذات النهج أي «الابواب المفتوحة» امام المواطنين، وكم من مرّة شاهدناه علناً يُطلق التوجيهات لجميع المسؤولين في المملكة للاهتمام بقضايا الشعب السعودي، وجعلها في مقدمة اهتماماتهم، سواء أكان ذلك على صعيد الأمور الشخصية أم على صعيد المشاريع الإنمائية التي يستفيد منها جميع من يقيم على أرض المملكة.
وعلى الصعيد الخارجي للملك سلمان رصيد كبير عربي ودولي، فهو منذ سنوات قاد مسيرة الانفتاح، واوكلت إليه المهام الدولية الكبيرة، فمن زياراته إلى الصين وروسيا، إلى علاقاته القوية مع جميع قادة الدول العربية والإقليمية والدولية.
ثانياً: افشلت المملكة ما كان يراهن عليه «البعض» ممن يتربصون بدور المملكة العربي والإقليمي والدولي، فهذا التفاهم الكبير داخل الأسرة الحاكمة، هو أحد العوامل الرئيسية الذي كان دائماً يدفع بانتقال هادئ للسلطة من السلف إلى الخلف، وتأكد ذلك وترسخ بعدما جعله الملك عبد الله بن عبد العزيز في إطار عمل مؤسساتي.
وما يلفت الانتباه ان الملك سلمان برؤيته البعيدة والاستراتيجية، ووفقاً لمتطلبات المرحلة وظروفها دفع بالجيل الثالث من الأسرة الحاكمة إلى المستوى المتقدم من السلطة عندما عين الأمير محمّد بن نايف ولياً لولي العهد، وهذا حصل لأول مرّة منذ تأسيس المملكة، ولعله أراد بذلك مكافأة هذا الجيل على انجازاته وعطاءاته، خاصة وأن الأمير محمّد بن نايف حقق نجاحات هامة وبارزة على صعيد حفظ أمن المملكة وشعبها، خاصة على صعيد مواجهة قوى التطرف إما بالمواجهة وإما بالاستيعاب الهادئ ليعودوا إلى أحضان بلدهم.
تساءل كثيرون بعد تسلم الملك سلمان حول سياسة المملكة ومواقفها من القضايا الإقليمية الساخنة، وفي هذا الإطار أكّد أكثر من مصدر مطلع ان الملك سلمان لا يمكن ان يحيد عن ثوابت المملكة لأنه أحد صانيعها، وراسمي خطوطها العريضة، فثوابت المملكة من حقوق الشعب السوري، ورفض كل ما يتعرّض له من قمع وإرهاب يعتبر من الثوابت، وكذلك موقف المملكة من التدخلات الخارجية سواء أكانت من إيران أم تركيا، فالمملكة كما وقفت بقوة مع شعبي البحرين ومصر، ترفض التدخلات الخارجية وخصوصاً الإيرانية في سوريا، والعراق، والبحرين، ولبنان واليمن.
فالمملكة التي تدعم سياسة الاستقرار في جميع البلاد العربية، ترفض بشدة سياسة ضرب الاستقرار في هذه الدول، كما ترفض التدخل في شؤونها الداخلية من أي جهة كانت.
إن توافد قادة دول العالم إلى الرياض لتقديم واجب العزاء، ولقاء قادة المملكة شكل ظاهرة استثنائية وهذا كلّه يعود لمكانة المملكة وأهمية دورها العربي والإقليمي والدولي، ولرصيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فهذه الظاهرة الاستثنائية على صعيد علاقات الدول، هي ظاهرة: سعودية وخليجية بصورة شبه عامة.