نعود إلى الحكاية اللبنانيّة من طريق المواجهات العسكريّة، والتي بدأت تشغل بال المسؤولين هنا والمسؤولين الاقليميين الدوليين المعنيين باستقرار لبنان وسلامة، وصيغته، وتعدّديّته.
صحيح أن “الرعاية” الممتدّة عبر البر والبحر، شرقاً وغرباً، قد وفّرت لهذا البلد المنكود الحظّ بعض الطمأنينة، إلا أن واقع الحال يقول بصراحة إن من شأن التطوّرات الميدانيّة قَلب الطاولة، وقَلب الوضع الواقف على صوص ونقطة…
في حوار مع مسؤولين معنيّين حول الحوادث الأخيرة، من إسرائيليّة وداعشيّة، قيل أكثر من مرّة إن ثمة “لعبة خطيرة” قد تنفجر على حين غرّة، فيما إذا لم تسارع الدول العظمى والدول الإقليمية المقتدرة على مدّ يد المساعدة الفعليّة والرادعة قبل استفحال الأمور.
والتصريحات الرسمية التي انطلقت على أثر تطورات رأس بعلبك تعتبر أن المجموعات الإرهابيّة بقيادة “داعش” تستعدّ لانتهاز أية فرصة للانتقام من الجيش اللبناني، ومحاولة العبور إلى مواقع استراتيجيّة في الأعالي… تمهيداً لاجتياحات دمويّة.
لا شك في أن الجيش يثبت جهوزيته ببسالة وشجاعة نادرتين، إلا أن الحكومة اللبنانيّة لا تنفكّ عن التحدّث في هذا الشأن، مع التأكيد أن الإدارة الأميركيّة قرّرت تسريع التسليح المنتظر، وبكميّات نوعيّة مناسبة ومشهود لها بفاعليّتها.
ولكن، أين أصبح عقد السلاح مع الأم الحنون، والوعود التي أكّدت قبل أشهر أن التسليم سيبدأ “خلال أسابيع”. وها هو لا يزال في خانة “على الوعد يا كمّون”، فيما تدقّ الأحداث الجسام “أبواب” القمم من السلسلة الشرقيّة، وتحصد الشهداء.
لا شكّ في أن المملكة العربيّة السعوديّة قد بذلت ما في وسعها، وتولى الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز الإشراف على صفقة السلاح مع باريس، وعبر شخص الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ووفق موازنة ضخمة لتوفير كل ما يحتاج إليه الجيش اللبناني. فما الذي حصل؟ وأين أصبح التنفيذ؟
وهل راجع المسؤولون اللبنانيّون “أمهم الحنون” في هذا الشأن؟
من المؤكّد أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يكنّ للبنان محبّة خاصة. مما يقول لنا إن أمر التسليح والتسليم المعجَّل سيشقّ طريقه لدى انصراف الملك سلمان إلى قيادة المملكة ومتابعة القضايا الملحة، والتي يُعتبر موضوع تسليح الجيش اللبناني منها.
في هذا الوقت قد يكتشف اللبنانيّون على حين غرّة أن الحوار الثنائي قد شقّ طريقه إلى أكثر من مفاجأة، من شأنها إعادة الروح إلى لبنان.
قال الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس نبيه برّي إن لبنان في قلبي. هذا الكلام يعيد الروح أيضاً كما يعيد الأمل