IMLebanon

الملك سلمان ولبنان: لا تبدّل في النظرة إلى «حزب الله»

«الحريري زعيم السنّة في مواجهة الحركات الإسلاميّة الصاعدة»

الملك سلمان ولبنان: لا تبدّل في النظرة إلى «حزب الله»

تتخطّى علاقة السّعودية مع لبنان الروابط الشخصية والكيمياء التي تجمع المسؤولين السعوديين مع نظرائهم اللبنانيين الى علاقات أعمق تنهل من التاريخ والتعاون المشترك بين البلدين منذ زمن الملك المؤسس عبد العزيز الذي كان له إسهامه في نيل لبنان استقلاله عام 1943.

ويجمع الضالعون بالسياسة السعودية على أن الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز سيسير بالنّهج السياسي والمؤسساتي ذاته الذي اتبعه أسلافه منذ زمن الملك عبد العزيز مرورا بالملوك المتعاقبين على قيادة المملكة: سعود وفيصل وخالد وفهد وصولا الى الملك الراحل عبد الله.

يشرح مصدر سعوديّ ضليع بالعلاقات السعودية اللبنانية لـ «السفير» أوجه التعامل مع لبنان ومكوّناته، فلا يرى تبدّلا ممكنا بين عهد العاهل الجديد وأسلافه، لافتا الى أنّ «الملك سلمان يعرف لبنان كما يعرف كفّه».

وينقض المصدر السّعودي توهّم بعض اللبنانيين بأنّ التعاطي السعودي مع لبنان محكوم بالعاطفة فحسب، مركّزا على دور المؤسسات السعودية التي لا يدرك كثر مدى انتظام عملها، مستخلصا بأن لا تغيير في سياسة المملكة وعاهلها الجديد تجاه لبنان الذي تحرص المملكة على سيادته واستقلاله.

السنّة والحريري

ينبثق التعاطي السّعودي مع السنّة اللبنانيين من قناعة سعوديّة راسخة بأنّهم «التيّار الرئيسي في الإسلام، والعلاقات الممتازة معهم لا تمنع مدّ الجسور المتينة مع بقيّة المكوّنات اللبنانية، فالعلاقة مع السنّة تستثمرها السعودية لصالح لبنان واستقراره وهم مدخل لبنان الى العالم العربي الشاسع سياسيّا واقتصاديّا».

بالنسبة الى العلاقة السعودية مع زعماء السنّة اللبنانيين وهل سيبقى الرئيس سعد الحريري هو الباب الرئيسي للسعودية في لبنان؟ في مقابل لجم صعود أية شخصيات أخرى كما حصل إبان الرفض السعودي لمنح البركة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟

يرفض المصدر السّعودي الواسع الإطلاع هذه المقولة موضحا: «لا نوافق على القول بأنّ المملكة رفضت التعاطي مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي تربطه علاقات ممتازة بالمملكة وبالمسؤولين فيها، لكنّ الرّفض كان لشكل الحكومة التي ترأسها ميقاتي والتي نظر إليها سعوديا بأنها حكومة «حزب الله» كونها لم تضمّ جميع المكوّنات اللبنانية».

بالانتقال الى الرئيس الحريري فإنّ «نجمه لم يأفل سعوديا كما يتصوّر بعض اللبنانيين المناوئين له، والدليل أنّ الحريري كان الشخصيّة الوحيدة من خارج الأسرة السعودية التي تواجدت في مستشفى «الحرس الوطني» حيث مكث الملك الراحل عبد الله في أيامه الأخيرة».

ويشير الى أنّ «الرئيس الحريري يمثّل بنظر السعودية الزعامة السنّية التي ورثها من رفيق الحريري وأيّ إضعاف له سيؤدّي الى إضعاف السنّة اللبنانيين، وهذا ما لا ترغب به المملكة». ويلفت المصدر: «زعامة الحريري لبنانية وجمهوره لبنانيّ عابر للطوائف، وهو ليس صناعة سعوديّة لأنّ زعامته منبثقة من لبنان، ونحن نتعاطف معه على أساس زعامته اللبنانية السنّية وليس كوكيل للمملكة، وبالرغم من الصداقة والمودّة التي ربطت المملكة مع الرئيس الراحل رفيق الحريري والتي امتدّت الى نجله الشيخ سعد، فإن ذلك لم يمنعها من بناء صداقات مع المجتمع اللبناني بأكمله بما فيها المكوّنات التي يقال إنها لا تكنّ الودّ للمملكة».

ويلفت المصدر السعودي الى أنّ أكثرية اللبنانيين الذين يلحّون اليوم على عودة الحريري هم مكوّنات في قوى 8 آذار، «وفي عهد الملك سلمان سيبقى الرئيس سعد الحريري هو زعيم السنّة ولا سيّما في ضوء تنامي الحركات الإسلاميّة المتطرّفة».

«حزب الله» مكوّن لبناني.. وليس لبنان

بالنسبة الى مقاربة الملك الجديد للعلاقة مع «حزب الله» تقول الأوساط السعوديّة الواسعة الإطلاع لـ «السفير» إن النظرة الى «حزب الله» لن تتبدّل، فهو مكوّن لبناني لكنّه لا يختصر لبنان، أمّا النقمة العربيّة عليه فتعود الى تصرّفاته التي لا تتّسق مع خصوصيّة العلاقات العربيّة – العربيّة، وينظر إليه سعوديّا على أنّه وكيل لقوى غير مرغوبة من قبل شريحة واسعة جدّا من اللبنانيين قبل سواهم». وتشير الى «أنّ «حزب الله» مقبول كمكوّن لبناني لكنّ أدواره خارج لبنان مرفوضة». وتسأل الأوساط: «هل خدم «حزب الله» لبنان بمشاركته في الحرب السوريّة؟».

رصد للحوار المسيحي ـــ المسيحي

السياسة السعودية تتسم بالاعتدال وتنظر الى مسيحيي لبنان «كمكوّن عربي ثقافي أساسي وضروري»، ولعلّ الاهتمام الذي أغدقه السعوديون على رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان فاق أحيانا ما أعطي لسعد الحريري وخصوصا لجهة تسليمه هبة الـ3 مليارات دولار التي خصصت لتسليح الجيش اللبناني، في حين لم يعط الحريري سوى مليار دولار.

ويعوّل السعوديون اليوم على الحوار الجاري بين المكوّنين المسيحيين الرئيسيين أي «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحرّ»، ويراقبون تطوّر هذا الحوار باهتمام يفوق متابعتهم للحوار السني ـ الشيعي انطلاقا من إيمانهم بالدّور المسيحي الرائد في لبنان والذي له إشعاعه في الوطن العربيّ برمّته. أما عن زيارة العماد ميشال عون الى المملكة لتقديم التعزية بالملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز «فإنه لا يتعدّى واجب العزاء والأمور الإنسانية التي تدلّ على أدبيات الشخص ومبادئه ولا علاقة له بالسياسة».

سلمان صديق الدّول.. وشيراك

تحتلّ فلسطين موقعا في اهتمام العاهل السعودي الجديد، وهو المتحدّث الرئيسي مع مختلف الأطياف الفلسطينية منذ ايام الرئيس الفلسطيني الرّاحل ياسر عرفات، وتربطه علاقة بالشخصيّات الفلسطينية عامة.

وينقض الضالعون بالتفكير السعودي توهّمات البعض من أنّ صحّة الملك الجديد سلمان قد تؤثّر على ادارة الحكم، مشيرة الى أن الملك الرّاحل عبد الله استمرّ في اتخاذ القرارات حتى دخوله أخيرا الى المستشفى بعد تردّي صحّته، مشيرة الى أنّ الملك سلمان يدير شؤون العائلة وعلاقاتها البينيّة منذ زمن بعيد.

للعاهل الجديد اهتمام بالأعمال الخيريّة، وعرف حين كان أميرا لمدينة الرياض بأنّه من أكثر الأمراء اختلاطا بالنّاس وحبّا للثقافة وللإعلام، وهو صاحب فكرة مشروع تأسيس جريدة «الشرق الأوسط»، تخرّج أولاده من جامعات عالميّة ومن أشهرهم الأمير سلطان بن سلمان وهو أوّل رائد فضاء عربيّ، والأمير عبد العزيز بن سلمان نائب وزير البترول.

وللملك الجديد علاقات قوية بقادة دول المنطقة والعالم، وتربطه علاقة خاصّة بإسبانيا التي يمكث فيها أشهرا طويلة في السنة، أما من صداقاته الدولية فيبرز الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وهو صديق شخصيّ له حتى قبل تسلمه الرئاسة الفرنسيّة، أي منذ كان عمدة لمدينة باريس.