يخطىء من يظن ان قرار تفعيل دينامية العلاقات السعودية مع القوى الكبرى يأتي رداً على تراجع حرارة العلاقات مع اميركا نتيجة التهافت “الأوبامي” على ايران والتعامي المتمادي عن المذبحة السورية المفتوحة.
لا، في السعودية ملك لن يكفّ عن إطلاق “العواصف” قبل ان تستقيم أوضاع المنطقة ويعود جو الإستقرار والأمن وتنتهي زلازل الإضطرابات التي تتلاعب بها أصابع ومخططات اقليمية وخارجية، لهذا أطلق عاصفة العزم على إرساء علاقات إستراتيجية مع روسيا وتفعيل العلاقات الإستراتيجية مع فرنسا، إستكمالاً لـ”عاصفة الحزم” في إسقاط الإنقلاب الحوثي في اليمن، وبدء مرحلة لتصحيح التوازنات بعدما مضت ايران بعيداً في عربدتها في المنطقة !
وهكذا بعد اقل من ٧٢ ساعة على زيارته لموسكو التي وضعت أسس علاقات إستراتيجية بين البلدين، أجرى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان محادثات متميّزة في فرنسا، وجاءت الزيارتان تلبية لدعوتين من موسكو وباريس اللتين تستشعران أهمية وضرورة التعاون مع السعودية التي تبقى بوابة الإنفتاح على الخليج والعالمين العربي والإسلامي وعلى قوة اقتصادية محورية تجلس في مقاعد العشرين الكبار.
لم تتوقف بعد التحليلات التي رافقت زيارة الأمير محمد لموسكو والإتفاقات التجارية والعسكرية والإقتصادية المهمة التي تم التوصل اليها، وقد وضعت في شقّها النووي تحديداً الأميركيين والإيرانيين على صفيح ساخن، لأن الرياض إختارت موسكو لتكون الشريك في بناء ١٦ مفاعلاً نووياً للأغراض السلمية.
ثم ان تعميق التعاون وإرساءه على قواعد إستراتيجية بين أكبر بلدين مصدرين للنفط في العالم لا يضمن مصلحتهما الإقتصادية فحسب، بل يعطيهما أرجحية في هندسة التوازنات الإقتصادية على المستوى الدولي وتالياً في ترتيب العلاقات ومواجهة الأزمات على المستويات السياسية ايضاً.
زيارة الملك سلمان لفرنسا في ايلول من عام ٢٠١٤ يوم كان ولياً للعهد وضعت اساساً متيناً للعلاقات الإستراتيجية بين البلدين، التي وصفها فرنسوا هولاند خلال زيارته الأخيرة للرياض بأنها علاقة تاريخية كبيرة بين شريكين تجمعهما علاقات استراتيجية متينة ومتميزة، والمحادثات التي أجراها ولي ولي العهد الأمير محمد مع هولاند والمسؤولين الفرنسيين، تشكل إمتداداً وترسيخاً لهذه العلاقات وخصوصاً في ترجمتها لإتفاقات.
برتران بوزانسنو السفير الفرنسي في الرياض قال ان محادثات الأمير محمد في باريس من أهم ملامح العمل المشترك على مختلف الصعد، تعزيزاً للتعاون وللحلف السعودي – الفرنسي في مجالات الدفاع والأمن والسلام ولمواجهة التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الاوسط.
وأميركا التي تبقى شريكاً تاريخياً للسعودية عليها ان تتعود وجود شركاء مضاربين في المدى الإستراتيجي الذي يرسمه الملك سلمان !