في شباط الفائت، كتب المغرّد السعودي الشهير «مجتهد»، على حسابه على تويتر، أن «العدّ التنازلي لشركة سعودي أوجيه بدأ بعد زوال ربيبها سعد الحريري المكروه من محمد بن سلمان ومحمد بن نايف». توقعات «مجتهد» لم تصدق في الفرع السعودي من «مملكة أوجيه»، لكنها صدقت في فرعها اللبناني
مع نهاية العام الجاري، يحل الظلام كلياً على مبنى «أوجيه ليبان» في كورنيش المزرعة. المبنى الذي بدأ يفقد نشاطه وصخبه وموظفيه على نحو تدريجي في السنوات الأخيرة، سيصبح مهجوراً بعد قرار رئيس مجلس إدارة أوجيه الرئيس سعد الحريري إقفال الفرع اللبناني للشركة نهائياً. بحسب مصادر قريبة من آل الحريري، فإن الأزمة المالية التي يرزح تحتها الحريري دفعت به إلى التضحية بالحلقة الأضعف: «أوجيه ليبان» التي تعاني من شبه بطالة. في الأشهر الأخيرة، كان لا يزال هناك أقل من ثلاثين موظفاً في عداد العاطلين من العمل بشكل فعلي، يرأسهم مدير الشركة نزيه الحريري. لحسن حظ الإدارة العامة، فإن الأخير يحال إلى التقاعد قريباً، ما ينقذهم من حرج الاستغناء عن خدماته. أكثر من عشرين موظفاً صُرفوا بعد إعطائهم تعويضاتهم قبل ثلاثة أشهر. زملاؤهم يُصرفون بالمفرق إلى أن يقتصر الحضور في المبنى قبل رأس السنة على الحراس. خلال أيار الفائت، صُرف 69 موظفاً تعسفياً، وماطلت الشركة لأشهر في دفع رواتبهم.
قبل إخلاء الموظفين، أخلت الشركة الطوابق، منها طابق النقليات والخدمات، وطابق آخر كان يشغله بهاء الدين الحريري.
المصروفون لهم الله في تدبير أمورهم بعد أن أخرجوا من نعيم آل الحريري. أما المبنى فله أرجحية البيع، علّ سعد الحريري يحصل على مبلغ مالي كبير يسدّ به عجزه المالي، علماً بأن الحريري الأب اشترى المبنى من مغترب جنوبي من آل خاتون في التسعينيات. المصادر لفتت إلى أن لهند، ابنة نازك الحريري، حصة كبيرة في ملكية المبنى، ما يوجب تصفية الملكية بينها وبين أشقائها.
إقفال الشركة وبيع المبنى، إن تمّ، لن يمرا هيّناً في خواطر الحريريين. أبناء الإمبراطورية المتقهقرة يشاهدون انهيار مدماك تلو آخر. حتى لن يعود صادماً للجماهير في حال صدقت الشائعات عن نية الحريري بيع قصر قريطم. لكثير من اللبنانيين، ذكريات مع «أوجيه ليبان».
بدأت الشركة بالصرف الفعلي لحوالى ألفي موظف لبناني في فرعها السعودي
عند بداية نشاطها، فتحت الشركة أبوابها لموظفين وعمال من مختلف الطوائف والمشارب. عروبيون وشيوعيون ومسلمون ومسيحيون ولبنانيون وفرنسيون… ساهمت في تشييد المجمع الطبي والجامعي في كفرفالوس ومدرسة صيدا الجديدة (ثانوية الحريري حالياً) وفي إزالة الركام الذي خلفه القصف الإسرائيلي خلال الاجتياح عام 1982 في صيدا، إلى جانب المؤسسة الإسلامية للثقافة والتعليم العالي التي تحوّل اسمها في ما بعد الى «مؤسسة الحريري». «أوجيه ليبان» سبقت سوليدير إلى تنظيف الوسط التجاري في بيروت بعد انتهاء الحرب الأهلية، وساهمت في ترميم المباني المحيطة بساحة النجمة.
حالياً، تتخبّط «سعودي أوجيه» كما تخبّطت زميلتها اللبنانية حتى لاقت مصير الإقفال. بدأت الشركة بالصرف الفعلي لحوالى ألفي موظف لبناني. نهاية الأسبوع الماضي، أنجزت ملفات الصرف لأربعين منهم، علماً بأن معظم الذين تنوي الشركة صرفهم صيداويون، وهو ما دفع النائبة بهية الحريري الى زيارة باريس الشهر الجاري للبحث مع ابن شقيقها في الانعكاسات السياسية للصرف على شعبية آل الحريري في المدينة.
ولا يجد مقرّبون من آل الحريري مساحة للتفاؤل بحل أزمة الشركة. تحتاج إلى أكثر من مليار دولار لتسديد ديونها والنهوض من جديد. كيف السبيل إلى ذلك وباب الجنة الملكي أقفل في وجه الحريري الابن الذي يعاني من عدم رضا الفريق الحاكم في المملكة عن أدائه السياسي والاقتصادي؟