IMLebanon

مملكة القهر و«الأخبار»

شنّ السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري هجوماً على «الأخبار» بسبب ما سمّاه «تجاوزاتها المتكررة بحق المملكة ورموزها». وقال لجريدة «الوطن» السعودية «إن هذه الصحيفة اعتادت الترويج لأكاذيب واتهامات للمملكة وقياداتها، وجاء وقت أن تقف عند حدها. وكلفت السفارة السعودية في العاصمة اللبنانية بيروت فريقاً قضائياً لمحاسبة ومقاضاة الصحيفة التي اشتهرت بانتمائها إلى محور إيران، حزب الله، سوريا وسعيها إلى التسويق لمبادئ ما يعرف بمحور المقاومة».

ما الذي تريد أن تفعله بعد يا سفير آل سعود؟

منذ اليوم الأول لصدور «الأخبار» وأنتم تقودون سياسة كمّ الأفواه. اقترفتم أموراً كثيرة لم نتحدث عنها، وللتذكير نعيد لفت الانتباه الى بعض ما تقومون به:

ــــ محاولات الترغيب والترهيب بقصد وقف انتقاد حكومتكم وأفعالها في المنطقة؟

ــــ تقررون حجب موقع «الأخبار» الإلكتروني داخل بلادكم، ثم تعملون على إقفال كل الصفحات التي يمكن أن يصل المتصفّحون إلى «الأخبار» عبرها.

ــــ تمنعون أي صحافي أو أكاديمي أو ناشط في بلادكم من الكتابة في «الأخبار» أو التواصل معها.

ــــ تفرضون على كل الوكالات الإعلانية التوقف عن نشر أي إعلان في «الأخبار» تحت طائلة مقاطعتها.

ــــ تحرّضون القوى والشخصيات والجهات العاملة معكم في لبنان على مقاطعة «الأخبار» والعمل ضدها بكل الأشكال.

ــــ عبارة «حان وقت أن تقف عند حدها»، سبق لممثلكم في بيروت، الرئيس سعد الحريري، أن قالها في اجتماع مع إعلامييه وأمنييه في سياق أنه يريد «تكسير رأس الأخبار». ومع أن وسام الحسن لم يعد على قيد الحياة، لكن كثيرين من المحيطين به ومن المحيطين بالحريري يتذكّرون نصيحته لرئيسه بعدم المضيّ في هذا الأمر.

ــــ طلبتم من الحريري أن يوافق على مشروع للنائب عقاب صقر بشن حملة شخصية ضد إدارة «الأخبار» بحجة أن الجريدة تعرّضت له شخصياً. ومرة جديدة، تدخّل قريب من الحريري ناصحاً إياه بعدم الدخول في لعبة ستؤذيه شخصياً ولن تنفعه.

رهاننا على شعب الجزيرة الذي سيلفظكم عاجلاً أو آجلاً الى مزبلة التاريخ حين تهب عواصف الحرية القادمة الى قلب جزيرتنا العربية!

ــــ لم يتوقف الفريق العامل معكم في لبنان، من جماعة الحريري إلى «القوات اللبنانية»، إلى شخصيات من 14 اذار، بالتعاون مع بعض النافذين في الجسم القضائي، عن شن حملة قضائية بهدف «إفلاس الأخبار» كما اعتقدتم.

ــــ قررتم الانتقال الى مستويات خارج لبنان، فصار ممنوعاً على أي موظف أو صحافي في «الأخبار» دخول دول عربية عدة، من بينها دول في مجلس التعاون الخليجي.

ــــ شجعتم وساهمتم في لعبة المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رفيق الحريري للذهاب في لعبة سياسية تحت غطاء قانوني بقصد محاصرة «الأخبار» خارجياً.

ــــ تعاونتم مع الأميركيين في مواجهة نشر وثائق ويكيلكيس بقصد منع تعميم فضائحكم في لبنان والعالم العربي، ومارستم الضغوط لمنعنا من نشر وثائق حول ما قمتم وتقومون به.

ما الذي تريدون القيام به بعد، وبماذا ستتهموننا؟

بأننا عملاء للصفويين والمجوس والفرس والروافض؟

بأننا عملاء تاريخيون للشيوعية الحاقدة على المملكة بحكم أنها رأس الدين؟

بأننا نتلقى الأموال من خصومكم من أجل شتمكم؟

بأننا حاقدون من جماعة نصر الله وحزب الله وبشار الأسد والنظام الطائفي في العراق ونظام الملالي في طهران والفصائل المغامرة في فلسطين والميليشيات الحوثية في اليمن؟

وماذا تريدون من مقاضاتنا؟

تريدون فرض غرامات علينا تدفعنا الى الإفلاس؟

تريدون قراراً بإقفال الجريدة؟

تريدون قراراً بوقف نشر أي معلومة أو رأي ضد سياساتكم وضد استعلائكم وضد جهلكم وتخلفكم وظلاميتكم؟

تريدون محاصرتنا من خلال نقابة الصحافة أو نقابة المحررين أو وزارة الإعلام أو رئاسة الحكومة أو أجهزة أمنية وإعلانية وإعلامية وخلافه؟

ثم هل تريدون الانتقال الى ما هو أعلى؟

تريدون تخويفنا من خلال إرسال القتلة الظلاميين لينفذوا فتوى حكومتكم وعلمائكم بحقنا فرداً فرداً؟

تريدون تكليف عصابة للقيام باعتداء على مؤسستنا أو العاملين فيها؟

تريدون أن تطلبوا خدمة من عصاباتكم المنتشرة في لبنان وسوريا والجوار، عسى أن تقدم لكم مشهداً دموياً يشبع رغباتكم؟

تريدون معاقبتنا، عسى أن يتوقف أي إعلامي عن التفكير في مناقشة ما تقومون به؟

حسناً. من جانبنا، نحن في «الأخبار»، يهمّنا لفت انتباه القراء الأعزاء، إلى أن ما تفعله السعودية هو جزء من حملة النظام السعودي ضد «الأخبار»، التي عملت في الوقت نفسه مع الإعلام الصهيوني والغربي باللغتين العربية والإنكليزية. والهدف واضح، وبات أكثر وضوحاً في الفترة الأخيرة: إن العقل الظلامي المسيطر على الثروات والقرار في دول الخليج، بدعم من إسرائيل والغرب الاستعماري، يريد لنا في المنطقة أن نتحرك بين رأيين فقط: رأي قطر ورأي السعودية.

أما إلى آل سعود،

فنحن نعلمكم مسبقاً بقواعد اللعبة التي نعترف بها. ونقولها بوضوح، ومن دون مداورة ومناورة.

لن نتكل على أحد. لسنا لنطلب من أحد المخاطرة بالوقوف الى جانبنا. ولسنا نملك ما نلزم به أحداً على وجه البسيطة بأن يقاتل معنا. ولسنا في موقع من يريد من أحد خسارة شيء في المعركة معنا.

نريد من الآخرين التصرف بمسؤولية، وإعلان مواقفهم بوضوح. ولا نريد من أحد تضامناً في السر، أو تعاوناً في الخفاء، وسنترك للأيام أن تحكم!

نحن جزء من حركة المقاومة ضد كل أدوات القهر والظلم في بلادنا والمنطقة والعالم. وما يريحنا ويشعرنا بأننا على صواب هو ما تقومون به. وهي معركة نعرف، من اليوم الأول، كلفتها. سبق أن قلنا: إن كل ما نتعرض له سببه دعمنا لخيار المقاومة والتحرر. ونعيد اليوم التأكيد:

نحن لا نملك سوى كرامتنا وحريتنا وموقفنا الذي لم يتغير. ولن يحصل. وإذا كانت دماؤنا تغذي روح المقاومة وحركتها، فلا شيء يمنعنا من التمسك بموقفنا.

أما أنتم، أهل الجهالة والتخلف والتعصب والتكفير والإرهاب، فلن تتساهل معكم الشعوب العربية طويلاً، رغم حملات التزوير الإعلامي الضخمة، ولن يحتملكم الرأي العام العربي طويلاً، فاذهبوا وافعلوا ما يطيب لكم، وما تقدرون عليه. أما نحن، فلم تُخفنا يوماً دولاراتكم المبللة بالدم، ولا سياراتكم المفخخة. رهاننا على شعب الجزيرة العظيم الذي سيلفظكم عاجلاً أو آجلاً الى مزبلة التاريخ، حين تهب عواصف الحرية القادمة الى قلب جزيرتنا العربية!