عندما تمّ توقيع الاتفاق بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية في إيران برعاية صينية، أشرت يومذاك الى ان إيران ليست صادقة في ما ذهب إليه الاتفاق… لأنّ التقيّة مبدأ من مبادئ الشيعة والمسؤولين في إيران. وقلت إنه لو كان هناك أحد من الجيل القديم في المملكة كالملك فهد أو الملك عبدالله أو الأمير سلطان موجوداً لما أقدمت السعودية على توقيع الاتفاق. فتاريخ إيران معروف، وتاريخها عند توقيع المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات معروف… وهنا أذكّر بما قاله الخميني عند توقيع وثيقة السلام مع العراق: «إني أتجرّع اليوم كأس السُمّ».
والتقيّة لم تكن تستعمل قديماً في الحكم، إلاّ عندما جاء حكم الملالي الى إيران، أي عندما جاء الإمام آية الله الخميني عام 1979 وخلع الشاه وتسلم الحكم في إيران.
منذ ذلك الوقت وجماعة الملالي الذين حكموا إيران بدأوا بممارستها (أي التقيّة) عملياً، إذ تحت شعار تحرير القدس سرقوا علم فلسطين وبدأوا بالمزايدات على العرب، وكي تكتمل عملية الخدعة بدأوا بإغلاق سفارة إسرائيل وأقاموا مكانها سفارة فلسطين… والعمل الثاني كان إنشاء ما يسمّى بـ»فيلق القدس» الذي ترأسه اللواء قاسم سليماني، أحد قادة الحرس الثوري، وبدأوا ضمن ميزانية ضخمة بمشروع التشييع يهدفون من ورائه تحويل أهل السنّة الى شيعة… وهنا بدأت الحرب مع العراق ودامت 8 سنوات.
ومنذ وقت قريب وقّع في بكين اتفاق بين السعودية وإيران برعاية صينية، وأبدت بكين وموسكو سابقاً خلال قمم ولقاءات منفصلة مع دول الخليج العربية دعمهما الإمارات في التوصّل الى حل تفاوضي وسلمي لقضية الجزر الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.
هذه المواقف أثارت غضب طهران حيث تعهّد قائد القوات البحرية للحرس الثوري الايراني العميد علي رضا تنكسيري أنه مستعد للدفاع عن وحدة الأراضي الايرانية، وتزامن ذلك مع إطلاق مناورات عسكرية قرب الجزر الثلاث، وأطلق الحرس عليها اسم «الاقتدار».
هذه المناورات تهدف الى إظهار «الاقتدار» والاستعدادات الدفاعية والقتالية لقوات البحرية التابعة للحرس الثوري لحماية أمن الخليج «الفارسي» والجزر الثلاث، وتشمل استخدام الأنظمة والمعدات المنتجة محلياً في صناعات قائمة على الدفاع والمعرفة.
إضافة الى ان وكالة الانباء الإيرانية «إرنا» أفادت ان الحرس الثوري استخدم خلال المناورات طائرات وسفن مسيّرة مزوّدة بذكاء اصطناعي بحيث أدّت مهمتها بنجاح… وكشف الحرس الثوري عن وجود سفن جديدة مزوّدة بصواريخ يصل مداها الى 600 كيلومتر.
والجدير ذكره، إعلان وزارة الدفاع الاميركية انها ستنشر مدمّرة وطائرات مقاتلة من طراز «اف/35» و»اف/16» في الشرق الأوسط لردع إيران ومنعها من مصادرة سفن في الخليج.
خلاصة القول، إنّه وفي الوقت الذي يُدْعى رئيس الإمارات الى زيارة طهران يقوم الحرس الثوري -كما ذكرنا- بمناورات بحجة حماية الجزر الثلاث.
أما بالنسبة للعلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران، فإنّ البند الأول كان موضوع اليمن، وأهم ما في هذا البند الفقرة الأولى التي تنص على ما يلي:
أولاً: يتوقف إطلاق النار في اليمن، وهذا حصل فعلاً.
ثانياً: تبادل الأسرى، وهذا حصل أيضاً.
ثالثاً: إعادة تكوين السلطة في اليمن… وهنا توقفت العملية حيث يطالب الحوثيون أن يكون الاتفاق مع السعودية وليس مع الاخوة في السلطة اليمنية متذرعين بأنّ تبادل الأسرى كان بين السعودية والحوثيين. وهنا توقف تنفيذ الاتفاق.
والجدير ذكره أنّ شحنات الأسلحة التي كانت ترسلها إيران الى الحوثيين لم تتوقف… أما بالنسبة لموضوع التدخل الايراني في شؤون الدول العربية، فهذا البند لم تلتزم به إيران.
والأنكى من ذلك أنّ المملكة العربية السعودية دعت الرئيس السوري الى القمة العربية كبادرة حسن نيّة، وسمحت بفتح سفارة لسوريا في المملكة، ولكن بعد مرور 4 أو 5 أشهر لم يتم أي تقدّم بل بالعكس إذ توقفت السعودية عن فتح السفارة السعودية في سوريا، كما أخبرت سوريا بعدم رغبتها في فتح سفارة لها في الرياض… كذلك فإنّ شحنات المخدرات وخصوصاً الكبتاغون لم يتوقف إرسالها الى دول الخليج بل ازدادت بشكل لافت.