ـــ ١ ـــ
…كيف ستبيع منتجاتك في لحظة الخوف؟ هي أكبر من ذلك. هي حرب كما وصفت على ألسنة متلعثمة. حرب ضد الإرهاب كما رأيناها في مسيرة «الجمهورية» وجنازة «شارلي». وهي حرب ضد المهاجرين المغاربة كما أرادتها مارين لوبان. وهي حرب من أجل استعادة صورة الإسلام المعتدل كما روّج لها حكّام عرب يقهرون شعوبهم في الداخل ويسيرون في مسيرات الدفاع عن الحريات في الخارج.
هناك حروب صغيرة على الهامش في مسيرة الجمهورية… نتنياهو أراد خوض حرب انتخابية تعلن عودة إسرائيل إلى «عنصريتها من دون مساحيق»… إسرائيل الوطن القومي لليهود/ لا الدولة العلمانية.
حتى فرنسا التي دعموا جمهوريتها، كلهم خاضوا حروبهم على أرضها وفي وحي دماء فنانين أرادوا تفكيك الكيانات الكبيرة المعذبة للبشرية، كلهم أرادوها «فرنسا أخرى»… أرادوها أرض حروبهم ضد ما تدافع عنه «الجمهورية» التي كانت موديل الأحلام… ولهذا كان الصف الأول من المسيرة يلخّص التداخل المقيت بين المسخرة والمأساة، بين البحث عن «عالم جديد» ورغبة «تجار الحروب» في استثمار الفزع لإعلان تحالفاتهم المميتة… من أجل استمرارهم.
ـــ 2 ـــ
لم يكن «داعش» سوى شبح…
اختفت تحته تسميات عمومية فتحت الأبواب أمام «عنصرية» أنيقة تشيطن عدوها المختار… فيصبح الفشل في إدماج الأقليات المسلمة في أوروبا خطر المهاجرين على السلم الأوروبي.
لا أحد يريد مناقشة الإدارة الفاشلة للحرب مع الإرهاب منذ بوش و11 أيلول (سبتمبر) وربما في حرب أفغانستان وإلى الآن… الإدارة كانت مزيجاً من أفكار مراكز التفكير في أميركا وأوروبا وخرافاتها حول «المستعمرات القديمة»، مضافاً إليها ألعاب مخابرات تنتقل من فشل إلى فشل إلى جانب مصالح عرجاء مع أنظمة ودول لا ترى إلا في إطار «وكلاء مصالح…» بالمعنى الذي تكون في لحظة انتقال الإدارة الأمبراطورية من فرنسا وبريطانيا إلى أميركا.
في هذه الإدارات بحث مستمر عن هويات متخيلة اسمها «الإسلام المعتدل» بديلة لهويات واقعية «الإسلام المتطرف»، وبين التخيّل و الواقعي سقط العقل نفسه حائراً كيف يتم التعامل مع كتلة الشرق الأوسط كلها تحت هوية واحدة متخيّلة أو واقعية؟ وكيف تتم الحرب على التطرف بتحالف مع أنظمة متطرفة أصلاً دينياً وسياسياً؟ هل التطرف في الداخل لا يهم بينما عندما يخرج إلى العالم يصبح خطراً؟
هذا العقل الحاكم يقود إلى تلك التعميمات المريعة التي تفرغ الحرب على الإرهاب بخطة مدروسة من مقاصدها لتبقي إطاراً لتنفيذ خطة سيطرة على العالم عنوانها الحرب الدينية…» (على الإسلام كما يراها الشرق) أو «الحرب الحضارية» (من المسلمين كما يراها الغرب).
وهذا هو المرعب الذي يجعل ماري لوبان تنتعش/ والهجمات على المسلمين في أوروبا وفرنسا تحديداً تبدو كأنها تصفية عنصرية ليس للمسلمين بل لمعنى الجمهورية كما قال هولاند اليوم.
ـــ 3 ـــ
وعلى هذه الضفة من العالم سينتعش الوكلاء من جديد…
ستدعم أميركا والغرب الأكثر تطرفاً في وراثة العرش السعودي ليكون الأكثر قدرة على التحكّم بالمتطرفين وحماية «إسلام معتدل»… على الكتالوج الذي فشل مرات عدة لكنه يعاد استخدامه…
كما أن مصر في حكم السيسي سيتم الحفاظ عليها باعتبار استقرارها «هدفاً إستراتيجياً» ووفق خطة، سيتم ذلك تدريجياً خلال شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس) وقبل منتدى «المستثمرين» (لم يعد اسمه الدول المانحة) لدعم مصر مالياً والذي غالباً سيعقد في موعده، محاطاً بخلفية من لافتات المرشحين في انتخابات البرلمان كدليل على «عودة الديموقراطية» إلى مصر.
واشنطن تتبنى هذا السيناريو الإستراتيجي بخطوات ملموسة تركّز فيها على تمرير الرئيس السيسي من «العتمة المالية» في الصيف بعد انهيار البترول… وغالباً سيتم هذا مكللاً بأفكار كبيرة تختار مصر رأس حربة لإسلام المعتدل .