IMLebanon

«قبلة» الوداع المسمومة..

كانت الزيارة الخارجية الأخيرة له كرئيس للولايات المتحدة.. ذهب إلى ليما عاصمة البيرو وحضر قمة دولية كان فيها «نظيره» الروسي فلاديمير بوتين. التقيا على هامش أعمالها، وأكملا صورة المشهد السوري، الذي وضع أطره العامة والتفصيلية وزيرا خارجية البلدين، في ذات تاسع من أيلول من عام النكبة الكبرى 2016 في ذات مدينة اسمها فيينا!

ما قاله مستر باراك أوباما بعد لقائه السريع مع بوتين، يشبه شعوذات المنجّمين عندنا في لبنان. بقدر ما يُشبه «تعليكات» محلل سياسي أو جامعي، ضعيف الحضور والمنطق وتعوزه الكياسة الأكاديمية فيظهر في لحظة حرجة أنه نصّاب منتحل صفة محلل!

قال (وهذا رئيس أميركا!) إنه «غير متفائل» إزاء الوضع السوري! وإنه بعد «أن اتخذت روسيا وإيران قراراً بدعم الأسد في حملته الجوية الوحشية، من الصعب أن نرى طريقة كي تحافظ المعارضة المعتدلة على مواقعها لوقت طويل»!

هل يُعقل هذا الكم من السمّ في بضع جمل يُراد منها أن تنعى ثورة الشعب السوري في حلب! وأن تقول إن رئيس أكبر دولة في العالم وأقواها وأخطرها «ليس متفائلاً»! وإنه «اكتشف» أخيراً أن موسكو وطهران «تدعمان» الأسد! وبدلاً من أن يدين (على طريقة منظمات حقوق الإنسان على الأقل!) الجرائم والفظاعات المرتكبة في حق 300 ألف مدني محاصَر في شرق المدينة، ذهب إلى «الاستشراف» والتوقّع (والتبصير) واعتبر أن ذلك الدعم سيصعب على «المعارضة المعتدلة» الاحتفاظ بمواقعها!

وليته صمت! بل ليته يمضي ما تبقى له من أيام وليال في «البيت الأبيض» وهو يتفرّج على التلفزيون! من دون أن يرتكب أي عمل أو تصريح أو موقف! لأن كثرة ثرثرته فضّاحة! وتظهره كممثل فاشل غير قادر على لعب دوره بنجاح! وغير قادر على إقناع الناس بمواهبه.. وزير خارجيته جون كيري أشطر منه. هذا أمضى أكثر من نصف عمره في الوزارة على الطائرة! ومن مدينة إلى أخرى ومن اجتماع إلى آخر تحت ستار «التفاوض» مع الروس من أجل إنضاج شروط «الحل السياسي» للنكبة السورية، فيما هو في واقع الحال، كان يعمل (بدأب!) على تمويه الموقف الرسمي لإدارته القائل بتسليم الثنائي الروسي – الإيراني زمام الأمور والمبادرة، وذلك لا يعني عند هذين الطرفين سوى هذه المذبحة المفتوحة على الهواء أمام العالم بأسره!

أوباما غير ذلك: اجتماع لدقائق معدودة في ليما كان كافياً بالنسبة إليه لكشف أوراقه والذهاب مباشرة إلى الاستنتاج الأخير! بل ربما يصحّ الافتراض أنه عَاتَبَ بوتين على التأخير في «حسم» قصّة حلب؟ وعلى الإحراج (الإعلامي!) الذي تسببه له كثرة المشاهد الآتية من تدمير المدينة والفتك بأهلها! ثم حضّه على التعجيل في مهمته قبل أن يتسلّم دونالد ترامب مهماته الرئاسية.. فمن يدري، ربما تؤدي سياساته المعادية لإيران وأدواتها إلى تعقيد الوضع برمّته، وإصابة الحلف الروسي – الإيراني بأضرار بالغة قد يستفيد منها الشعب السوري ومعارضته «المعتدلة»!

.. هذا المخلوق وعد العالم بالقضاء على الإرهاب، فإذ به «يتوقّع» القضاء على «المعارضة المعتدلة».. ولا يُظهر أو يبدي أي أسف أو تعاطف إزاء تدمير مدينة تُعد واحدة من أعرق مدن الأرض على رؤوس أهلها!