Site icon IMLebanon

منصّة الكنافة

 

عشية عيد الأمهات، صودف وجودي على مستديرة الطيونة، أمام أحد فروع حلويات “البابا”. زقزقت عصافير بطني وعبقت في صدري رائحة طيبة، فعزمتُ على فكّ الريجيم مهما كان الثمن. كعكة كنافة تلبي نداء قلبي ومعدتي الخاوية. وقفت على باب “البابا” وطلبت من آنسة لطيفة مرابطة على الباب كعكة كنافة بقطر خفيف ونقدتها عشرة آلاف بانتظار أن تردّ لي “الكمالة” مع الكعكة الشهية، إبتسمت لي وطلبت بصوت ناعم جداً: بعد 5 آلاف لو سمحت. فوجئت بسعر الكعكة ليتبين لي لاحقاً، أن هذا السعر يكاد يكون واحداً وموحداً ومعتمداً على “منصة” الكنافة بجبن، وهناك بعض محال الحلويات تبيع الكعكة بـ 20 ألفأ أو بـ 18 ألفاً، والبعض ينزل قليلاً عن الـ 15 ألفاً على حساب النوعية. لو كنتُ أعلم ما كان ينتظرني عند “البابا” لطلبت كعكة “قطر” زيادة وجبنة إكسترا، أو على الأقل لطلبت أخذ صورة تذكارية بين صدر بقلاوة بفستق حلبي وصدر معمول مدّ بجوز.

 

يبدو لي أن “بيّ الكل”، المتحسس آلام الفقراء وما يعانونه في سبيل الحصول على كفاف يومهم، لا يعرف بالتحديد ثمن سعر كعكة الكنافة، ولا حتى سعر كعكة أبو عرب التي أقفلت أمس الأحد على ثلاثة آلاف و900 ليرة للشراء و4000 ليرة للمبيع. لكن إن سأل طوني، فطوني يأتيه بالخبر اليقين وإن لم يسل فطوني يحرص على ألّا يزيد هماً على هموم بيّ الكل.

 

ويبدو لي كذلك أن “خيّ الكل” حبيب الشعب سعد، “مش عم يمرق عند البابا” ولا يصف سيارته أمام حلويات “صفصوف” على الطريق الجديدة. ولا يعلم شيئاً عن لائحة الأسعار المتحركة عند “حلويات العماد”. لو عرف الرئيسان، دام ظلّهما، المكلّف إرشادنا إلى “قادومية” جهنم، والمكلف تشكيل حكومة مهمة، أن إسناد وزارة الداخلية للّاتين، والعدلية لأحد أبناء طائفة الصائبة المندائيين، والمالية لشيعي من أم أرثوذكسية والدفاع لأرثوذكسي متأهل من سنيّة آخر هم على قلوب غالبية المسيحيين والمسلمين، فما يهمّهم وين مخبّى مارون الأقرع أكياس السكر المدعوم في ميني ماركت الأمانة وكيفية الوصول إلى أبي عبد أو عبد، أو عديله عبّودي، أو أخيه عبدالله، أو صهره عبادة للحصول بدعمه وعطفه على 900 غرام حليب بودرة مدعومة.

 

غالبية اللبنانيين ينتظرون أن يطلع من تلاقح الرئيسين الفكري ومن عصفهما حكومة، ولو كانت برأسين و17 ذنباً، وأنا مثل أبناء وطني أنتظر الدخان الأبيض، لأحتفل بصدر كنافة من عند “البابا”، أو من عند الدويهي أو من عند “عبد الرحمن الحلّاب” أو ما يعادلهم، ولو على سعر المنصة.