IMLebanon

عقد التشكيل محلية والمواعيد الدستورية غير نهائية

هل تبخّرت المناخات الإيجابية التي أرستها انتخابات رئاسة الجمهورية بعد شغور رئاسي طويل؟ سؤال بدأت تتداوله أوساط بعض الموفدين الديبلوماسيين إلى بيروت في الأيام القليلة الماضية، بعدما طرحته بقوة كل الأطراف على الساحة الداخلية، وذلك نتيجة الجمود الخطير في قطار تأليف الحكومة الأولى في عهد الرئيس العماد ميشال عون. وعلى الرغم من أن التأثيرات الخارجية هي شبه معدومة، أو على الأقل محدودة في الملف الحكومي، فإن الأوساط الديبلوماسية، رأت الاوساط أن عودة الأزمة السياسية من باب تشكيل الحكومة، ترتدي طابعاً لافتاً لأنها مؤشّر واضح على استمرار الإنقسام السياسي العميق بين اللبنانيين، وإن كانت اصطفافات المرحلة الماضية من خلال فريقي 8 و 14 آذار قد زالت.

وفي المبدأ العام لانطلاقة التسوية، والتي شكّلت انتخابات رئاسة الجمهورية معبراً ضرورياً لها، فإن استكمال كل عناصر هذه التسوية يتم من خلال ترميم جسور الثقة بين المراجع الكبرى، كما أضافت الأوساط الديبلوماسية، والتي أكدت أن تداعيات مرحلة التجاذب التي سبقت الإنتخابات الرئاسية، حاضرة بقوة اليوم في كل التفاصيل الحكومية، وهي التي جعلت مسألة تشكيل الحكومة عملية مستحيلة في فترة زمنية قصيرة كان قد راهن عليها بشكل خاص الرئيس المكلف سعد الحريري لولادة حكومة «الوحدة الوطنية».

وبالتالي، فإن الإنطباع الإيجابي الذي كان سائداً على الساحة الداخلية، قد تحوّل بسرعة إلى مناخ من التوتّر الشديد، وينذر بتصعيد سياسي، كما كشفت الأوساط نفسها، والتي وجدت أن الخطير في الأزمة الحكومية هو السجال الطائفي في لحظة كان الكل يعتقد أن لبنان فتح صفحة جديدة بعد عامين من الشغور الرئاسي. وأضافت أن خطاب القَسَم للرئيس العماد ميشال عون حمل في طياته وعوداً بتطبيق اتفاق الطائف وإعادة الحياة إلى المؤسّسات الدستورية والتعاون والحوار مع كل القوى السياسية، تمهيداً لمشاركة الجميع في التأسيس لمرحلة جديدة. وقالت هذه الأوساط أن العامل الداخلي هو الذي يتحكّم في عملية تشكيل الحكومة، لأن الخلافات تتركّز بشكل خاص حول تقسيم المراكز والحصص في السلطة وبطريقة علنية وصريحة أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

وخلاصة هذا النقاش السياسي، ستدفع في النهاية إلى تشكيل حكومة «وحدة وطنية»، وإنما بعد عملية «شدّ حبال» لافتة، وذلك بصرف النظر عن كل ما يتردّد حول عمر هذه الحكومة الذي لن يكون طويلاً بسبب اقتراب موعد الإنتخابات النيابية. لكن الأوساط نفسها ذكّرت بأن المواعيد الدستورية غير نهائية، وبأن الحكومة المقبلة قد تكون مرشّحة لأن تبقى لفترة أطول من المهلة المتوقّعة لها. وأوضحت أن الظروف الإقليمية، وتحديداً المنعطف الخطير الذي وصلت إليه الحرب في سوريا، لا توحي بإمكان التوصّل إلى أية تسويات في المنطقة، بل على العكس، فإن التعقيدات مرشّحة للتفاقم، لا سيما بعد فوز دونالد ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأميركية.

واستدركت الأوساط الديبلوماسية عينها، مؤكدة أن كل المؤشّرات الداخلية على الساحة المحلية، ترسم لوحة إيجابية رغم العراقيل في الملف الحكومي، ولا تزال تسمح بتوقّع مرحلة توافق واستقرار على كل المستويات. وإذا كانت المطالب السياسية هي التي عرقلت ولادة الحكومة، فإن اتجاهات التشكيلة ستشهد تبدّلاً واضحاً في المرحلة الآتية، إذ أنه سيكون من الصعب التغاضي عن الهواجس السياسية لدى غالبية الأطراف الداخلية.

وفي هذا الإطار، فإن الأوساط نفسها، اعتبرت أن الازمة الراهنة ستؤخر التوافق حول الحكومة، لكن ولادتها حتمية وقريبة ولو تأخّرت عن المواعيد المرسومة. والسبب الأساسي لهذا الإنطباع، هو أن ظروف العرقلة محلية بنسبة كبيرة وغير مرتبطة بمواقف وإرادات خارجية، أو حتى «فيتوات». وخلصت إلى أن العهد الحالي يمثّل محطة إيجابية على أكثر من صعيد، وستتبلور هذه الإيجابية في المرحلة المقبلة.