بعد استقالته امام ضغط الثورة منذ 30 يوما، جدد امس رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري استقالته من السباق الى تسمية في الاستشارات النيابية الملزمة التي تأخرت 30 يوما غرق فيها لبنان في بحر الخسائر المالية والاقتصادية وكاد يغرق في فتنة داخلية، اتمنى ان ينجو منها اذا استمرت آذان المسؤولين مضربة عن السمع.
الحريري قال بالفم الملآن «ليس انا بل أحد آخر لتشكيل حكومة تحاكي طموحات الشباب والشابات…» سارداً العديد من الوقائع التي يتحجج بها البعض لتحميله مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة، وهو بهذا الموقف يضع الجميع أمام الأمر الواقع، وخصوصاً المسؤول الاول عن قرار الدعوة الى الاستشارات الملزمة رئيس الجمهورية ميشال عون، بحيث لم تعد هناك أي حجّة لتأخير الدعوة وترك النواب يختارون رئيس الحكومة المقبل، هل هو سعد الحريري المتمسك بحكومة من وزراء اختصاصيين مستقلين، أو «آخر» يكون بمستوى المرحلة البالغة الخطورة أو رئيس حكومة يغرق لبنان في الانهيار الكامل.
هل يعرف المسؤولون ما يعرفه الشعب، انه في 30 يوماً من غياب الحكومة اجتاحت كرة النقد الاجنبي، المستشفيات والمصارف والمصانع والمحال التجارية والرواتب والبيوت التي افتقدت حوالات ابنائهم، وأتيحت الفرص للمحظوظين الى تحويل اموالهم الى الخارج، وتوقف البناء والاستثمار وتشرّد الوف المواطنين الذين خسروا وظائفهم، والدولة العليّة صامدة بوجه ابناء الثورة، لا يعنيها ما يحصل لأن المهم عندها، مصلحة هذا الشخص، ومصلحة هذا التيار او ذاك الحزب، وهذا ليس قولنا فحسب، بل هو قول البطريرك الراعي.
* * * * *
الشعب اللبناني لم يعد مريضاً على «شاريو» في غرفة الطوارئ بانتظار طبيب متمرن ليعاينه، كان من الضروري ان يكون منذ شهر في غرفة العناية الفائقة، ولكن هذا لم يحصل، وقد لا يحصل، لأن السلطة تكره الناس، والشعب لا يثق بها، وموقف الحريري الأخير هو الفرصة الوحيدة المتاحة لانقاذ لبنان، والانقاذ لا يكون بالحكي، بل يكون بالفعل، وأي هواجس او مخاوف عند أي فريق، ليس اليوم وقتها للاختباء وراءها ومنع انقاذ الوطن، خصوصاً ان كل ما هو مطلوب هو حكومة موقتة لمدة ستة اشهر، تحظى بثقة الاغلبية الساحقة من الشعب، وليس بالضرورة من النواب، وثقة القادرين على المساعدة، وبعدها اذهبوا الى الناس، واسألوا رأيهم في هذه الطبقة السياسية وفي أهل الثورة والمعارضة، وليحكم من يريده الشعب، وليس من تريده هذه الدولة أو هذا الحلف.
مع الأسف ما حصل مساء امس على طريق القصر الجمهوري، يجعلنا نقرأ المقال من عنوانه.