IMLebanon

حدود كوباني ومخالفة مبادئ الأمم المتحدة

في الجلسة المغلقة الخاصّة بسوريا في مجلس الأمن الخميس الماضي، حَضَّ المبعوث الأممي ستيفان دو ميستورا الأتراك على السماح لقوات البشمركة التركية بعبور الحدود لمساندة أكراد كوباني، وهذه الخطوة التي اعتُبرت «غير مدروسة»، خلقت كثيراً من اللغط داخل أروقة الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف.

من وجهة النظر الأممية، يُعتبر إرسال مقاتلين إلى موت محتمَل مخالفاً لروحية الأمم المتحدة التي تتلخّص في الحفاظ على أرواح البشر وحماية أمنِهم، فيما يُشكّل إرسالهم خرقاً لسيادة دولة ما زالت تحتفظ بمقعدها الرسمي في الأمم المتحدة.

ويقول مصدر أممي رفيع في جنيف لـ«الجمهورية» إنّ طلب دو ميستورا «تجاوز الحدود بشكل غير مسبوق»، لافتاً إلى أنّ هذا الطلب لم يصدر عن دو ميستورا وربّما لم يكن مقتنعاً به تماماً، «لكنّه أتى من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي سارَع إلى إصدار بيان مساند لموقف دو ميستورا عن دخول البشمركة».

دو ميستورا أكّد للجانب السوري أنّ طلبه فتحَ الحدود كان مشروطاً بـ»احترام القانون والدولة والتشاور والتعاون مع الحكومة السورية»، لكن في ظلّ العلاقات التركية – السورية المقطوعة تبقى هذه النقطة مبهمة.

ويوضح مصدر مقرّب من السفارة السورية في جنيف لـ»الجمهورية»، أنّ دمشق أبدت امتعاضاً واضحاً وصريحاً حيال هذه المسألة، وأنّ «دخول البشمركة لم يتمّ بالتنسيق والتشاور مع الحكومة السورية، ولم ينَل موافقتها، وهو مخالف لمبدأ الأمم المتحدة احترامَ السيادة».

ويلفت إلى أنّ «انتهاك تركيا للحدود ليس جديداً، إنّما تكرَّر مراراً لأنّها سمحَت سابقاً بدخول إرهابيين الأراضي السورية عبر حدودها بلا حسيب أو رقيب، والسماح بفتح الحدود هذه المرّة قد يعني إمكان تكرار العملية لاحقاً بلا رقابة تنفّذها السلطات السورية».

ويرى المصدر أنّ حلّ الأزمة السورية يكون «عبر أولويّة محاربة الإرهاب ضمن القانون وفي إطار الدستور، لكنّ العالم يتعامل مع النظام السوري بازدواجية غير مبرّرة، فهو يحاول تجاهل وجوده في السلطة، لكنّه يقبل أن يحاوره في الأمم المتحدة ويعيّن مبعوثاً أممياً خاصاً لمحاورة السلطات في دمشق».

تنظر الأمم المتحدة إلى الدور الذي لعبه الأكراد في حماية الإيزيديين والأقليات عموماً في العراق، على أنّه معاكس لما تنتهجه «داعش» حيال هؤلاء.

ففي حين اعتمد التنظيم الإقصاء وقتلَ التنوّع والتنكيل بكلّ مَن هو مختلف أو غير موافق على السياسة العامة لله، سعى الأكراد الى فتح مدنهم أمام أكثر من مليون ونصف نازح هربوا من بطش «داعش» في الموصل والمدن والقرى العراقية التي تمّت السيطرة عليها، ما خلَق تعاطفاً كبيراً معهم من المجتمع الدولي.

وفي حين يكثر الحديث عن دولة كردية محتملة في المنطقة، يشير المصدر إلى أنّ على الأكراد «الانتظار مدّة أطول قبل أن تسمح إيران وتركيا بتأسيس دولة».

فالدور التركي حيال فضّ أيّ كيان منظّم ومحتمل للأكراد، بدا واضحاً خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ دفعَت أنقرة في اتّجاه تشكيل منطقة عازلة شمال سوريا ادَّعت أنّ الهدف منها تأمين مساكن بديلة للنازحين وحماية المدنيين القاطنين في تلك المناطق، لكنّ السبب الحقيقي لهذا الاقتراح يعود لرغبة تركيا القديمة المتجدّدة بالقضاء على الجهود التي نفّذها حزب «الاتحاد الديموقراطي الكردي» (PYD) خلال الفترة الماضية، وبالتالي منع قيام منطقة حكم ذاتي كردية في المنطقة الحدودية القريبة من تركيا.