Site icon IMLebanon

القبيات: التحالفات المقلوبة تعقّد «حرب الإلغاء»

العونيون يكرّسون زعامتهم في عندقت وشدرا

القبيات: التحالفات المقلوبة تعقّد «حرب الإلغاء»

حط «التحالف» رحاله في القبيات، أشرس معاركه العكارية، بعد سلسلة من المعارك التي خاضها لإبراز عضلاته المسيحية. هذه المرة هي «معركة كسر رؤوس»، على ما يحكى في البلدة العكارية التي تبعد 140 كلم عن بيروت.

لـ «التيار الوطني الحر» معاركه التقليدية مع «المستقبل» في عكار، لكن «القوات» جديد على «الكار». أرادها معركة شخصية مع النائب هادي حبيش، الذي يجلس على مقعده النيابي بقوة تيار «المستقبل». هذا المقعد هو نفسه الذي يشعر «القوات» بأنه سلب منه، ولا بد في أي انتخابات مقبلة أن يعود إليه. كان ذلك حتى قبل التحالف الثنائي. فهو لم يهضم يوماً تشتت التمثيل المسيحي بين عائلات وقوى صغيرة يسيطر عليها «المستقبل»، معززاً فيها كتلته النيابية من المسيحيين، فيما هو عينه عليها جميعها.

لم يشأ سمير جعجع إلا أن تعلن لائحة «أهل القبيات» من داره، فصارت المعركة بينه وبين «المستقبل» بدون قفازات. ومن كان «يهتّ» حبيش في ماضيه الراقص على أنغام السوريين، صار يعايره بأنه صنيعة المكوّن السنّي، تمهيداً لتعرية لائحته البلدية من مسيحيتها.

لكن حبيش بما لديه من حنكة سياسية رفض الاستسلام أمام «حرب الإلغاء» التي يشنها ضده حليفه السابق. ارتمى في أحضان خصمه التاريخي مخايل الضاهر من دون شروط، فجمعتهما لائحة «القبيات بتقرر» إلى جانب «الكتائب» ورئيس البلدية الحالي، ورئيس اللائحة، عبدو عبدو.

لذلك كله، يجد زائر القبيات نفسه أمام مشهد معقد يصعب فهمه للوهلة الأولى. فقد بدت الحرب التي تدور في أحيائها السبعة، أكبر من قدرتها على تحمّل تداعياتها. لكن في داخل البلدة، سرعان ما تهدأ الخواطر. وبرغم كمية الشحن والاستنفار، فإنه يخرج من يؤكد، من ماكينة حبيش، أنه بعد انتهاء النهار الانتخابي لن تبقى الحساسيات لوقت طويل، ففي النهاية كلنا أقارب.

لكن ذلك الخطاب الناعم لا يعني أبداً أن المعركة ليست «معركة وجود»، بالنسبة لحبيش. المسؤول في ماكينته يؤكد أن قول جعجع إن «القبيات جزيرة معزولة ويجب إعادتها إلى الوطن»، لم يكن مقبولاً بالنسبة لأهل البلدة، وكان لا بد من مواجهته انتخابياً.

في ماكينة «القوات» ثمة من يجزم بأنه لم يعد مقبولاً أن يبقى الطاقم القديم الذي يسيطر على البلدية منذ 12 سنة، من دون أن يحقق أي إنجاز للبلدة، مؤكداً أن الناس قادرون على رؤية من كان يعمل، من خارج البلدية، على المشاريع التنموية. أما الحديث عن انتزاع المقعد النيابي من حبيش، فيرى بعض القواتيين أنه قد يبقى صعب المنال، خاصة أنه «صار شبه واضح أن قانون الستين باق، بما يعنيه ذلك من إمكانية إيصال النائب المسيحي بأصوات السنّة».

في المركز الانتخابي لحي مراتمورة (الجمعية التعاونية الزراعية) ثمة ضجيج صباحي لا يهدأ. عند التدقيق يتبين أن الاعتراض يتركز على اتهام رئيس القلم بالتباطؤ. أما عند سؤال الأخير، فيكتفي بالرد مبتسماً: اختنقنا، هل تتخيل أن يصل عدد الناخبين عند الساعة التاسعة إلى 20 في المئة (مئة مقترع من أصل 486)؟ بدا منذ الصباح أن شدة المعركة ستنعكس إقبالاً كثيفاً على الاقتراع.

يخسر من لا يرى المرشح إلى المخترة في حارة الزوق فؤاد زيتونة. هو شاب في مقتبل العمر لكنه قرر خوض المعركة بعدّتها الأصلية: الطربوش والشاربان المفتولان. وهي خطوة لاقت استحسان المشاركين وكسرت حدة المعركة.

عندقت: الأحزاب تواجه العائلات

ليس بعيداً من القبيات، ثمة معركة أخرى يخوضها الثنائي المسيحي الرافض لـ «كذبة العائلات». لكن هذه المرة تبدو المعركة أسهل بكثير. هذا ما يوحيه رئيس لائحة «عندقت قوية» عمر مسعود (مسؤول البلديات في «التيار»)، الجالس في حديقة منزله يدخن النارجيلة ويحيط به عدد من المؤيدين. وهو إذ يجزم بأن النتيجة محسومة سلفاً، نظراً لقوة «التيار» «القوات» في البلدة، يقول «عيب أن لا يتمكن التحالف المسيحي من الفوز في عندقت».

في الشوارع المؤدية إلى أقلام الاقتراع، ليس من الصعب ملاحظة التنظيم الذي تتميز به الماكينة الانتخابية العونية. في يد كل عضو فيها، مهما كان عمره، جهاز لاسلكي يتواصل فيه مع المسؤول الأعلى. تصل كل المعلومات في النهاية إلى الحديقة. يرن هاتف مسعود. فيرد، معلناً نسبة الاقتراع أمام مجالسيه، قبل أن يعود النقاش إلى القبيات. المعركة التي ينتظر «التيار» في عندقت نتيجتها أكثر مما ينتظر فوز «اللي عمّرها»، على ما تشير اللافتات المؤيدة لمسعود (رئيس البلدية الحالي).

في المقابل، يقف رئيس لائحة «عندقت يداً بيد» العميد المتقاعد مروان بيطار في مركز الاقتراع الوحيد في البلدة (مدرسة راهبات القلبين الأقدسين) مصافحاً هذا ومرحباً بذاك. يرفض الحصرية التي تمثلها اللائحة المقابلة، ويؤكد أن كل الأحزاب موجودة في لائحتنا. «حتى العونيون موجودون»، يقول، قبل أن يوضح أن هؤلاء عونيون وليسوا بالضرورة حاملين للبطاقة الحزبية، بعكس بعض القواتيين الموجودين على اللائحة.. ببطاقاتهم الحزبية، متحالفين مع «الكتائب» و«الشيوعي» و «القومي».

في قلب الوادي، زحمة سير استثنائية. يتبين سريعاً أن دورية مؤللة من المجوقل تمر في شدرا، عائدة من مهمة ما على الحدود. هناك أيضاً يطمئن «التيار» لفوز لائحة «شدرا لغد أفضل» التي يترأسها سيمون حنا وجورج جبرين مداورة، ضد لائحة «القرار والإنماء» التي يرأسها نظير الخليل.

عائلية في مشتى حسن

ومشتى حمود

صوت الموسيقى يعلو في مشتى حسن، معيداً المعركة إلى العائلية. التنافس على أشده بين لائحة «مشتى حسن تجمعنا» برئاسة محمد أحمد الخالد ولائحة «معاً لغد أفضل» برئاسة حمزة الأحمد.

والتنافس العائلي يزداد حدة في مشتى حمود أيضاً. أمام مدرسة مشتى حمود المختلطة يشتد الازدحام، كما على أبواب أقلام الاقتراع. بحر القبعات والقمصان التي تحمل شعار لائحة «الوفاء لمشتى حمود» والتي يرأسها ناجي رمضان وحسام دندشي تطغى على كل ما عداها. مندوبو «قرار مشتى حمود» التي يرأسها محمد بشير الغفري ليسوا كثراً. ذلك يعتبره منزه دندشي، الذي يكتب اسمه على قميصه «لأن الناخبين الآتين من طرابلس يعرفونني بالاسم أكثر»، دليل واضح على تفوق اللائحة التي يدعمها.

سرعان ما يبدأ التدافع والتجمع، على أثر ما تردد عن إشكال بين عنصر أمني وأحد المندوبين. يتدخل الضابط بانفعال شديد. «فرطوها»، يردد أكثر مرة، مهدداً بإيقاف العملية الانتخابية إن لم يتفرق الجميع، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها.