رسمت الانتخابات البلدية والاختيارية في الكورة معالم الانتخابات النيابية المقبلة، من خلال «التحالف العوني – القواتي» الذي سعى خلال هذا الاستحقاق، الى إثبات وجوده في القضاء الأخضر الذي شهد أعنف المعارك الانتخابية بينهما سابقاً، والى إظهار قوته على الساحة اللبنانية تمهيداً لترجمتها في استحقاقات أكبر لا سيما رئاسة الجمهورية.
التباعد بين «التحالف المسيحي» وبين «تيار المردة» يقابله تقارب، وإن بطريقة غير مباشرة، بين الثلاثي نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، الوزير السابق فايز غصن، النائب السابق سليم سعادة (الحزب القومي)، برغم أن الأخير سبق وأعلن اعتكافه عن الترشح للانتخابات النيابية الا أن لحضوره وقعاً إيجابياً في الاوساط الكورانية العامة على اختلافها.
وجل ما سجلته معارك الكورة الانتخابية تحالف أخصام الامس «القوات» و «العونيين» في كفرعقا، كفرحزير، كوسبا ودده، في مواجهة القيادات التاريخية في هذه البلدات كما هو الحال في كوسبا ضد الوزير غصن، والعائلات والمرشحين المستقلين، اضافة الى غالبية القرى المارونية التي واجه فيها الحليفان المستجدان العائلات في محاولة لإثبات حجميهما سياسياً.
لكن ذلك لم يمنع الانقسام الواضح في صفوف «القومي» و«العوني» و «القواتي» و «المستقبلي» كل في عقر داره بسبب الانتماءات العائلية التي دفعت خارجين من أحزابهم الى تاليف لوائح وخوض معارك في وجه تياراتهم وأحزابهم، في محاولة للتعبير عن رفض تدخل الطبقة السياسية في العملية التنموية، وللإطاحة بالمجالس البلدية السابقة التي كانت قائمة استناداً الى اعتبارات حزبية أكثر منها إنمائية، والتي تحاول التجديد لنفسها برغم فشلها.
والمفاجأة الكبرى في انتخابات الكورة كانت الإقبال الكثيف على الاقتراع في البلدات التي شهدت معارك حادة مثل كفرعقا وكفرحزير واميون وكوسبا وكفريا وبدنايل وبرسا وبطرام، ما يدل على أن الكورانيين في هذه البلدات سئموا من الوضع البلدي المتردي وسوء الخدمات الإنمائية، وانعدام البنى التحتية، والمشاريع البلدية في مناطقهم، لاسيما لدى فئة الشباب، ممن يواجهون تحديات البطالة والهجرة والحاملين شهاداتهم الجامعية، وانسداد الافق امام مستقبلهم ومستقبل البلد برمّته.
قلة من البلديات السابقة تمكنت من تحقيق مشاريع انمائية، وحجة الغالبية الافتقار للأموال لتبرير التقصير، بحيث إن بعض البلديات حققت مشاريع إنمائية تميّزت فيها عن سواها، برغم محدودية موازناتها المالية.
ومن الواضح أن هذه الانتخابات لم تكن سوى اختبار لموازين القوى التي ستتبلور أكثر في الانتخابات النيابية المقبلة، تبعاً للقانون الانتخابي العتيد.