لم يكن ينقص لبنان واللبنانيين الا اثارة مشكلة مع كردستان العراق!
قد يقول قائل: ما همّ، فالذي يثير مشكلة مع الأمم المتحدة ولا يسدد موجباته نحوها، والذي يتموقع خارج إطاره العربي في الجامعة العربية، ويمعن في تجاهل شعبه والصعوبات التي يعانيها… ليس كثيراً عليه أن يفتعل قصة لا فائدة منها مع الإقليم.
والمشكلة مع الإقليم هي في سياق عام مشكلة مع العراق في مجمله. فإقليم كردستان رغم خصوصياته القومية والتاريخية جزء من هذا البلد، الذي يجعله الامين العام لـ”حزب الله” مطوّباً لإيران، او اقله نتاجاً لـ “تضحياتها” من اجله.
ويشبه كلام نصرالله في تمنينه كردستان والعراق، تمنينه السوريين بحفظه حقوقهم ومستقبلهم، ولهؤلاء رأيهم في ما يقول، كما يشبه تلك المعزوفة عن منع ” داعش” من خرق الجرود والوصول الى جونية.
وفي أهداف الكلام فكرة واحدة يريد ترسيخها: أنه لولا إيران لكان المشرق العربي مستباحاً من جانب الارهاب، ولولا قاسم سليماني لما كان لهذا الإرهاب ان يُدحر. وبعد سليماني سيكون على هذا المشرق الانتقام له وطرد الأميركيين واجتثاثهم على طريقة اجتثاث البعث الشهيرة.
في السياق دخل نصرالله على موضوع كردستان، مدفوعاً بحماسة الدفاع عن ايران ودور سليماني، فجعل مسعود البارزاني يرتجف هلعاً امام “داعش” لو لم يبادر سليماني الى انقاذه ومعه الكرد… وبديهي ان يثير ذلك غضب الإقليم قيادة وشعباً. فالناس هناك دفعوا ثمناً كبيراً لدحر التنظيم الإرهابي في شمال العراق وشمال سوريا، وهم لم يلمسوا من ايران الا كرهاً ومحاولات هيمنة عليهم وعلى مجمل العراق، الامر الذي يدفع الشعب العراقي، خصوصاً الشيعة، الى مواصلة انتفاضتهم ضد ايران وسياساتها .
وكالعادة لم يأخذ خطاب نصرالله في الإعتبار وجود ومصالح اللبنانيين في الإقليم، مثلما لم يهتم بمصالحهم وحضورهم في دول الخليج العربي لدى هجومه على هذه الدول دفاعاً عن طهران. ففي الإقليم نحو 20 الف لبناني بحسب إحصاءات 2018، أسسوا مئات الشركات والبنوك والفنادق والمدارس … وهؤلاء نظموا تظاهرات دعماً لانتفاضة بلدهم وتضامن معهم الإقليم بإضاءة النصب الوطني في أربيل بألوان العلم اللبناني.
ويخشى اللبنانيون انعكاسات سلبية على حضورهم ومصالحهم في المنطقة كما حصل لإخوانهم في الخليج بسبب خطاب لا مسؤول تتحفظ ايران نفسها عن تبنيه تجاه الإقليم. لقد رد قادة الإقليم بقسوة على نصرالله، والمهم الّا يتأثر اللبنانيون هناك فيدفعوا مرة اخرى ثمناً اضافياً لسياسات الالتحاق والتبعية، بعد ان هجروا بلدهم بسبب السياسة نفسها. ولا يسع المرء الا ان يردد مع بيان أربيل رداً على نصرالله: “لماذا تتحرش بشعب لا رابط يربطك به؟”.